2305 - مسألة : من قذف آخر ببهيمة ، أو بفعل قوم لوط  ؟  قال  أبو محمد  رحمه الله : اختلف الناس في هذا : فقالت طائفة : عليه حد القذف . 
كما نا حمام  نا  ابن مفرج  نا  ابن الأعرابي  نا الدبري  نا  عبد الرزاق  عن  معمر  عن الزهري  قال : من قذف آخر ببهيمة جلد حد الفرية .  [ ص: 401 ] قال  أبو حنيفة  ،  ومالك  ،  والشافعي    : ليس عليه حد الفرية ؟ قال  أبو محمد  رحمه الله : من جعل إتيان البهيمة زنى فقد طرد أصله ، وكذلك من جعل فعل قوم لوط  زنى فقد طرد أصله ، إذ جعل في القذف بهما حد الزنى ، وقد بينا أنهما ليسا زنى فالقذف بهما ليس هو القذف الموجب للحد ، وإنما هو أذى فقط ففيه التعزير . 
وأما المالكيون - فإنهم وافقونا على أن فعل قوم لوط  ليس زنى ، وأن إتيان البهيمة ليس زنى ، فساووا بينهما في هذا الباب ، ثم إنهم جعلوا في القذف بفعل قوم لوط  حد القذف بالزنى ، ولم يجعلوا في القذف بإتيان البهيمة حد القذف بالزنى ، وهذا تناقض . 
فإن قالوا : إن فعل قوم لوط  أعظم من الزنى ؟ قيل لهم : هبكم أنه كالكفر ، فهلا جعلتم في القذف بالكفر حد الزنى على هذا الأصل الفاسد ؟ وهذا لا مخلص منه ؟ فإن قالوا : هو زنى ، ولكنه أعظم الزنى ، فجعل فيه أعظم حدود الزنى ، لأن المزني بها قد تحل يوما من الدهر ، وفعل قوم لوط  لا يحل المفعول به ذلك للفاعل أبدا ، فهو أعظم بلا شك ؟ قيل لهم : هذا يبطل من وجوه : 
أحدها - أن الزاني بحريمته من نسب أو رضاع لا يحل له أبدا ، فاجعلوا فيه أغلظ حدود الزنى على هذا الأصل . 
والثاني - أن يقال لهم : واطئ أجنبية في دبرها أتى ما لا يحل له أبدا ، فإن تزوجها فاجعلوا فيه على هذا الأصل أغلظ حدود الزنى . 
والثالث - أن يقال لهم أيضا : آتي البهيمة آتي ما لا يحل له أبدا ، فقد ساوى فعل قوم لوط  في هذه العلة التي عللتم بها قولكم ، فهلا جعلتم فيه أغلظ الحدود في الزنى أيضا ؟ ولا فرق ، ثم رجعنا إلى قولهم " إن فعل قوم لوط  أعظم الزنى " ؟  [ ص: 402 ] فنقول لهم : إننا قد أوضحنا أن الزنى باللغة ، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقع على فعل قوم لوط    - وقد بينا أنه ليس زنى ولا أعظم من الزنى ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الذنب أعظم ؟ فقال كلاما - معناه : الشرك ، ثم قتل المرء ولده مخافة أن يطعم معه ، ثم الزنى بحليلة الجار . 
فصح أن الزنى بحليلة الجار أعظم من فعل قوم لوط  بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يحل لأحد رده - وبالله تعالى التوفيق . 
				
						
						
