. 2308 - مسألة : السحر ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في السحر : فقالت طائفة : يقتل الساحر ولا يستتاب - والسحر كفر - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يقتل الساحر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابنا : إن كان الكلام الذي يسحر به كفرا فالساحر مرتد ، وإن كان ليس كفرا فلا يقتل ، لأنه ليس كافرا .
وذكر عن المتقدمين في ذلك أشياء : كما نا
حمام نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
عمرو بن دينار ، قال : إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب كتب إلى
جزي بن معاوية عم الأحنف بن قيس - وكان عاملا
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر بن الخطاب - أن اقتل كل ساحر ، وكان
بجالة كاتب
جزي ، قال
بجالة : فأرسلنا فوجدنا ثلاث سواحر ، فضربنا أعناقهن .
وبه - إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد قال : إن
قيس بن سعد قتل ساحرا
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أن جارية
لحفصة سحرتها فاعترفت بذلك فأمرت بها
عبد الرحمن بن زيد فقتلها ، فأنكر ذلك عليها
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ما تنكر على أم المؤمنين امرأة سحرت واعترفت ؟ فسكت
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان .
[ ص: 411 ]
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع : أن
حفصة سحرت فأمرت
عبيد الله أخاها فقتل ساحرتين ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14794العطاف بن خالد المخزومي أبو صفوان قال : رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله وهو واقف على جدار بيت لبني أخ له يتامى ، أتاه غلمة أربعة ، ومعهم غلام هو أشف منهم ، فقال : يا
أبا عمر انظر ما يصنع هذا ؟ قال : وماذا يصنع ؟ قال : فسل خيطا من ثوبه فقطعه -
وسالم ينظر إليه - فجمعه بين أصبعين من أصابعه ثم تفل عليه مرتين أو ثلاثا ، ثم مده ، فإذا هو صحيح ليس به بأس ، فسمعت
سالما يقول : لو كان لي من الأمر شيء لصلبته .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري : أن
خالد بن المهاجر بن خالد قتل نبطيا سحر - يعني ذميا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، قال : إن غلاما
nindex.php?page=showalam&ids=16673لعمر بن عبد العزيز أخذ ساحرة فألقاها في الماء فطفت ، فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : إن الله لم يأمرك أن تلقيها في الماء ، فإن اعترفت فاقتلها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب قال : يقتل ساحر المسلمين ، ولا يقتل ساحر
أهل الكتاب ، لأن {
النبي صلى الله عليه وآله وسلم سحره رجل من اليهود يقال له : ابن أعصم ، وامرأة من خيبر يقال لها : زينب ، فلم يقتلهما ؟ }
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فهؤلاء -
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
وحفصة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله ابناه ،
وعبيد الله ابنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ،
وقيس بن ربيعة .
ومن التابعين
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ،
وخالد بن المهاجر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ،
وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب .
وأما من خالف هذا : فكما نا
حمام نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس عن
محمد بن عبد الرحمن - هو أبو الرجال - عن
عمرة بنت عبد الرحمن : أن
عائشة أم المؤمنين أعتقت جارية لها عن دبر ، وأنها سحرتها واعترفت بذلك ، وقالت : أحببت العتق ، فأمرت بها
عائشة ابن أخيها أن يبيعها من
الأعراب ممن يسيء ملكتها ، وقالت : ابتع بثمنها رقبة فأعتقها .
وبه - إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
[ ص: 412 ] أبي الرجال عن
عمرة ، قالت : مرضت
عائشة فطال مرضها ، فذهب بنو أخيها إلى رجل ، فذكروا له مرضها ؟ فقال : إنكم لتخبروني خبر امرأة مطبوبة ، فذهبوا ينظرون ، فإذا جارية لها قد سحرتها وكانت قد دبرتها ، فقالت لها : ما أردت مني ؟ قالت : أردت أن تموتي حتى أعتق ، قالت : فإن لله علي أن تباع من أشد
العرب ملكة ، فباعتها ، وأمرت بثمنها أن يجعل في مثلها .
وعن
ربيعة بن عطاء أن رجلا عبدا سحر جارية عربية ، وكانت تتبعه ، فرفع إلى
عروة بن محمد - وكان عامل
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز - فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : أن يبيعه بغير أرضها وأرضه ، ثم ادفع ثمنه إليها - وقد ذكرنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه - إنكار قتل الساحر ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن ننظر ، فنظرنا في قول من رأى قتل الساحر ، فوجدناهم يقولون : قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } الآية قالوا : فسمى الله تعالى السحر كفرا بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } .
قال : " فيعلمون " بدل من " كفروا " فتعليم السحر كفر .
وأيضا بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102إنما نحن فتنة فلا تكفر } .
وأيضا بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق } .
وبقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } .
وذكروا - ما نا
حمام نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
إسماعيل بن مسلم عن
الحسن قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17946nindex.php?page=treesubj&link=25584حد الساحر ضربه بالسيف } .
[ ص: 413 ]
وبه - إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12357إبراهيم بن أبي يحيى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48385من تعلم السحر قليلا أو كثيرا كان آخر عهده من الله } .
حدثنا
يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود نا
أحمد بن جهيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12369إبراهيم بن حماد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق نا
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
سعيد الجريري عن
أبي العلاء {
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب عقبة ذات ليلة فنزل ، فجعل يرتجز ويقول : جندب وما جندب والأقطع الخبر الخبر فلما أصبح قال أصحابه : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأينا راجزا أحسن رجزا منك الليلة ، فما جندب ، والأقطع ؟ قال : أما جندب فرجل من أمتي يضرب ضربة يبعث بها أمة وحده يوم القيامة وأما الأقطع فرجل تقطع يده فتدخل الجنة قبل جسده ببرهة من الدهر } .
فكانوا يرون أن الأقطع ،
nindex.php?page=showalam&ids=3254زيد بن صوحان ، قطعت يده يوم
اليرموك قبل يوم الجمل مع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - وأما جندب ، فهو الذي قتل الساحر .
وقال : نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة نا
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبو عمران - هو الجوني - أن ساحرا كان عند
الوليد بن عقبة فجعل يدخل في بقرة ثم يخرج منها ، فرآه
جندب ، فذهب إلى بيته فالتفع على سيفه ، فلما دخل الساحر جوف البقرة ضربهما ، قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3أفتأتون السحر وأنتم تبصرون } فاندفع الناس وتفرقوا وقالوا : حروري ، فسجنه
الوليد ، وكتب به إلى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان فكان يفتح له بالليل فيذهب إلى أهله ، فإذا أصبح رجع إلى السجن - قال : فيرون أن
جندبا صاحب الضربة ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ما نعلم لهم شيئا غير ما ذكرنا ، قد تقصيناه لهم غاية التقصي ، وأتينا بما لم نذكره أيضا ، وكل ذلك لا حجة لهم في شيء منه على ما نبين ، إن شاء الله تعالى فنقول - وبالله تعالى التوفيق : أما ما ذكروه من أقوال الصحابة - رضي الله عنهم - فلا حجة لهم في شيء منه :
[ ص: 414 ] أما قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فإنه خبر صحيح عنه أخذوا ما اشتهوا منه ، وتركوا سائره ، وهو خبر : نا
حمام نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ، كلاهما عن
عمرو بن دينار قال : سمعت
بجالة كاتب
جزي يحدث
nindex.php?page=showalam&ids=11866أبا الشعثاء ،
وعمرو بن أوس عن صفة
زمزم في إمارة
nindex.php?page=showalam&ids=17095المصعب بن الزبير قال : كنت كاتبا
لجزي - عم الأحنف بن قيس - فأتى كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قبل موته ، بسنة : اقتلوا كل ساحر وفرقوا بين كل ذي رحم محرم من
المجوس ، وانههم عن الزمزمة ، قال : فقتلنا ثلاث سواحر ، قال : وصنع طعاما كثيرا وعرض السيف ، ثم دعا
المجوس فألقوا وقر بغل ، أو بغلين من ورق أخلة ، كانوا يأكلون بها ، وأكلوا بغير زمزمة ، قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48387ولم يكن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أخذ من المجوس الجزية حتى شهد nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس أهل هجر } فهكذا الحديث .
والمالكيون ، والحنفيون يخالفون
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في هذا الخبر فيما لا يحل خلافه فيه من أمره : بأن يفرق بين كل ذي رحم محرم من
المجوس ، لأن هذا هو أمر الله تعالى إذ يقول تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وأن احكم بينهم بما أنزل الله } .
فهو إذ يقول تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } .
فقال الحنفيون والمالكيون : لا يفرق بين مجوسي وبين حريمته ، وتؤخذ الجزية من كل من ليس كتابيا من العجم - فخالفوا القرآن ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بن الخطاب ، حيث لا يحل خلافه وقلدوه - بزعمهم - حيث حكم فيه بما أداه إليه اجتهاده ، مما لم يرد فيه قرآن ، ولا صحت به سنة - فهذا عكس الحقائق .
والزمزمة - كلام تتكلم به
المجوس عند أكلهم ، لا بد لهم منه ، ولا يحل في دينهم أكل دونه - وهو كلام تعظيم لله تعالى يتكلمون به في أفواههم خلقة وشفاههم مطبقة ، لا يجوز عندهم خلاف ذلك - ولهم خشبات صغار يستعملونها عند ذلك - وأخلة يأكلون بها - وهذا حمق منهم وتكلف .
وبالسند المذكور إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
عبد الرحمن عن
المثنى بن الصباح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أخذ ساحرا فدفنه إلى صدره ثم تركه حتى مات .
[ ص: 415 ] وهم لا يأخذون بهذا نفسه من حكم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الساحر - وحتى لو التزموا قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كله لكان إذ صح خلاف
عائشة له في ذلك ، ولما كان قوله أولى من قولها ، ولا قولها أولى من قوله .
فالواجب عند التنازع الرجوع إلى ما افترض الله تعالى الرجوع إليه : من القرآن ، والسنة - فسقط تعلقهم بعمر في ذلك .
وأما حديث
قيس بن سعيد أنه قتل ساحرا ؟ فقد يمكن أن يكون ذلك الساحر كافرا أضر بمسلم فقتله - وهكذا نقول .
وأيضا - فقد صح خلاف ذلك عن
عائشة رضي الله عنها .
فسقط تعلقهم بحديث
قيس .
وأما حديث
حفصة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ؟ فقد قلنا : إنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم نظرنا في الآثار التي ذكروا في ذلك : فوجدنا خبر
الحسن مرسلا ، ولا حجة في مرسل - ولو صح لما كان لهم فيه متعلق أصلا ، لأنه إنما فيه حد الساحر : ضربه بالسيف ، وليس فيه قتله ، والضربة قد تخطئ فتجرح فقط ، وقد تقتل - فهم قد خالفوا هذا الخبر وأوجبوا قتله ولا بد .
وأما خبر
جندب ففي غاية السقوط : أول ذلك - أنه مرسل لا يدرى ممن سمعه
أبو العلاء .
فلم يبق إلا الآية - فوجب النظر فيها ، ففعلنا - بعون الله تعالى - وابتدأنا بأولها من قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر } .
وقولهم " يعلمون " بدل من " كفروا " .
فنظرنا في ذلك - فوجدناه ليس كما ظنوا ، وأن قولهم هذا دعوى بلا برهان ، بل القول الظاهر هو أن الكلام تم عند قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102كفروا } وكملت القصة ، وقامت بنفسها صحيحة تام {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولكن الشياطين كفروا } .
ثم ابتدأ تعالى قصة أخرى مبتدأة ، وهو : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102يعلمون الناس السحر } فيعلمون ابتداء كلام لا بدل .
[ ص: 416 ] ثم لو صح : أن " يعلمون " بدل من " كفروا " ولم يحتمل غير ذلك أصلا ، لما كان لهم فيه حجة ألبتة ، لأن ذلك خبر من الله تعالى عن أن ذلك كان حكم الشياطين بعد أيام
سليمان عليه السلام - وذلك شريعة لا تلزمنا ، وحكم الله تعالى في الشياطين حكم خارج من حكمنا ، وكل حكم لم يكن في شريعتنا فلا يلزمنا .
بل قد صح : أن حكم " الجن " اليوم في شريعتنا غير حكمنا ، كما قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لهم الروث والعظام طعاما والروث حرام عندنا وحلال لهم ، فكيف وإذا احتمل ظاهر الآية معنيين ، فلا يجوز حملها على أحدهما دون الآخر ، إلا ببرهان ، وقد بينا أن كلا الوجهين لا حجة لهم فيه أصلا .
وأيضا - فإن نص قولهم : إن الشياطين كفروا بتعليم الناس السحر - وهم يزعمون : أن الملكين يعلمان الناس السحر ، ولا يكفر الملكان عندهم بذلك ، فقد أقروا باختلاف حكم تعليم السحر ، وأنه يكون كفرا ، ولا يكون كفرا بذلك ، فإذ قد قالوا ذلك ، فمن أين لهم : أن حكم الساحر من الناس الكفر قياسا على الشياطين ، دون أن لا يكون كفرا قياسا على الملكين ؟ فكيف والقياس كله باطل . ؟ فصح - أنه لا حجة لهم في تكفير الساحر من الناس : بأن الشياطين يكفرون بتعليمه - هذا لو صح لهم أن كفر الشياطين لم يكن إلا بتعليمهم الناس السحر خاصة - وهذا لا يصح لهم أبدا .
بل قد كفروا قبل ذلك ، فكان تعليمهم الناس السحر ضلالا زائدا ، ومعصية حادثة أخرى ، وهذا هو مقتضى ظاهر الآية الذي لا يجوز أن يحال عنه ألبتة ، إلا بالدعوى العارية من البرهان - وبالله تعالى التوفيق .
ثم صرنا إلى قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر } فوجدناهم لا حجة لهم فيه أصلا بوجه من الوجوه لأنه إنما في هذا الكلام النهي عن الكفر جملة ، ولم يقولا : فلا تكفر بتعلمك السحر ، ولا بعلمك السحر ، هذا ما لا يفهم من الآية أصلا .
وهكذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30173لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب [ ص: 417 ] بعض } إنما هو نهي أن يكفروا ابتداء ، وعن أن يرتدوا فقط ، لا أنهم بقتل بعضهم بعضا يكونون كفارا ، وهذا بين لا خفاء به - وبالله تعالى التوفيق . وكل من أقحم في هذه الآية : أن قوله تعالى حاكيا عن القائلين : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102إنما نحن فتنة فلا تكفر } أن مرادهما لا تكفر بتعلمك ما نعلمك فقد كذب ، وزاد في القرآن ما ليس فيه وما لا دليل عليه أصلا .
ثم صرنا إلى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه } فوجدنا هذا أبعد من أن يكون لهم فيه شبهة يموهون بها من كل ما سلف ، لأنه لم يختلف أحد من
أهل السنة في أن من فرق بين امرأة وزوجها لا يكون كافرا بذلك ؟ بل قد وجدنا المالكيين ، والحنفيين يفرقون بين المرء وزوجه بما لم يأذن الله تعالى به قط ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم كالشروط الفاسدة ، والتخيير ، والتمليك والعنانة ، وعدم النفقة .
وأعجب من ذلك كله إباحة الحنفيين لمن طالت يده من الفساق ، ولمن قصرت يده منهم أن يأتي إلى من عشق امرأة رجل من المسلمين أن يحمل السوط على ظهره حتى ينطق بطلاقها مكره ، فإذا اعتدت أكرهها الفاسق على أن تتزوجه بالسياط أيضا ، حتى تنطق بالرضا مكرهة ، فكان ذلك عندهم نكاحا طيبا ، وزواجا مباركا ، ووطئا حلالا يتقرب به إلى الله تعالى . وتالله ، ما في شريعة الله تعالى من التفريق بين المرء وزوجه أعظم إثما ، ولا أشنع حراما وأبعد من رضاء الله تعالى ، ولا أدنى ، من رأي إبليس ، ومن
[ ص: 418 ] الشياطين ، من هذا التفريق الذي أمضوه ، وأجازوه ، ونسأل الله تعالى العافية من مثل هذا وشبهه .
وقد نجد النمام يفرق بين المرء وزوجه فلا يكون بذلك كافرا ، فمن أين وقع لهم أن يكفروا الساحر بذلك ؟ فبطل تعلقهم بهذا النص جملة .
وهكذا القول في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم } إذ ليس كل ما ضر المرء يكون به كافرا ، بل يكون عاصيا لله تعالى ، لا كافرا ولا حلال الدم .
ثم صرنا إلى قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102ولقد علموا لمن اشتراه } إلى قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=64لو كانوا يعلمون } فوجدناهم لا حجة لهم في تكفير الساحر ، ولا في إباحة دمه أصلا ، لأن هذه الصفة قد تكون في مسلم بإجماعهم معنا : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ نا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم نا
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48388إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخر ؟ } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وهم لا يختلفون في أن لباس الحرير ليس كفرا ، ولا يحل قتل لابسه - فبطل تعلقهم بهذه الآية ، ولله الحمد .
فنظرنا أن يكون لهم في الآية متعلق أصلا ، ولا في شيء من القرآن ، ولا من السنن الصحاح ، ولا في السنن الواهية ، ولا في إجماع ، ولا في قول صاحب ، ولا في قياس ، ولا نظر ، ولا رأي سديد يصح ، بل كل هذه الوجوه مبطلة لقولهم .
فلما بطل قول من رأى أن يقتل الساحر جملة ، وقول من ادعى أن السحر كفر بالجملة : وجب أن ننظر في القول الثالث : فوجدنا الله تعالى يقول {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم } .
وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فخلوا سبيلهم }
[ ص: 419 ] وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } .
قال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93ومن يقتل مؤمنا متعمدا } الآية .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } .
فصح بالقرآن والسنة : أن كل مسلم فدمه حرام إلا بنص ثابت أو إجماع متيقن - فنظرنا هل نجد في السحر نصا ثابتا بتبيان ما هو ؟ فوجدنا - من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
هارون بن سعيد الأيلي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال عن
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد عن
أبي الغيث عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13147 : اجتنبوا السبع الموبقات ، قيل : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات } .
فكان هذا بيانا جليا بأن السحر ليس من الشرك ، ولكنه معصية موبقة كقتل النفس وشبهها ، فارتفع الإشكال - ولله الحمد .
وصح أن السحر ليس كفرا ، وإذا لم يكن كفرا فلا يحل قتل فاعله ، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=116072لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، وزنى بعد إحصان ، ونفس بنفس } .
فالساحر ليس كافرا كما بينا ، ولا قاتلا ، ولا زانيا محصنا ، ولا جاء في قتله نص صحيح فيضاف إلى هذه الثلاث ، كما جاء في المحارب ، والمحدود في الخمر ثلاث مرات .
فصح تحريم دمه بيقين لا إشكال فيه .
ووجدنا أيضا - من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
عبد الله بن محمد سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة [ ص: 420 ] يقول : إن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة حدثهم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين قالت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48390كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر حتى يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن } قال
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : وهذا أشد ما يكون من السحر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48391فقال : يا عائشة - أعلمت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان ، فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عند رجلي ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ فقال : مطبوب ، قال : ومن طبه ؟ قال : لبيد بن أعصم - رجل من بني زريق حليف اليهود ، وكان منافقا - قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاطة ، قال : وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذروان ، قال : فأتى البئر حتى استخرجه ، قال : فهذه البئر التي رأيتها ، كأن ماءها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رءوس الشياطين ، قال : فاستخرج ، فقلت : أفلا تنشرت ؟ قال : أما الله فقد شفاني ، وأكره أن أثير على الناس شرا ؟ } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذا خبر صحيح ، وقد عرف الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم من سحره ، فلم يقتله .
فإن قيل : فإن في هذا الحديث : أنه كان منافقا ، وفي بعض رواياته : أنه كان يهوديا - وأنتم تقولون : إن الكافر إذا أضر بمسلم وجب قتله ، وبرئت منه الذمة ، وأن المنافق إذا عرف وجب قتله ؟ قلنا : إننا كذلك نقول ، لأن البرهان قام بذلك .
وأما الذمي - إذا أضر بمسلم ، فلقول الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } فإنما حرمت دماء
أهل الكتاب بالتزام الصغار ، فإذا فارقوا الصغار فقد برئت ذمتهم ، وسقط تحريم دمائهم ، وعادت حلالا كما كانت ، لأن الله تعالى أباح دماءهم أبدا إلا بالصغار ، فإذا لم يكن الصغار فدماؤهم لم تحرم ، وهم إذا أضروا بمسلم فلم يصغر وهم وقد أصغروه ، فدماؤهم حلال .
وأما المنافق - فإذا عرف أنه كافر فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48392من بدل دينه فافتلوه } فهذا المنافق أو اليهودي ، نحن على يقين لا مرية فيه : أنه لم يكن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بعد بقتل من بدل دينه ، ولا بقتل من لم يلتزم الصغار من
أهل الذمة .
[ ص: 421 ]
برهان ذلك - لا يشك أنه من في قلبه مقدار ذرة من إيمان : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعمد عصيان ربه ، فلو أمره ربه تعالى بقتلهم لأنفذ ذلك ، فإذ لم يقتله عليه السلام ، فبيقين نقطع ونبت أن ذلك كان قبل نزول الآية بقتل
أهل الكتاب ما لم يؤدوا الجزية مع الصغار ، وقبل أن ينزل عليه الأمر بقتل من بدل دينه .
فإن قالوا : قولوا كذلك في الساحر ؟ قلنا : نعم ، هكذا نقول ، وهو أن الساحر بهذا الخبر حرام الدم ، وكذلك اليهودي يضر بالمسلم ، فكيف بسيد أهل الإسلام صلى الله عليه وسلم وكذلك من أعلن الإسلام وأسر الكفر .
ثم صح أمر الله تعالى بتحريم دماء
أهل الكتاب بالجزية مع الصغار ، وإباحتها بعدم ذلك - وصح أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل من بدل دينه ، فصرنا إلى ذلك ، ولم يأت أمر صحيح بقتل الساحر ، فبقي على تحريم الدم - فارتفع الإشكال جملة - وبالله تعالى التوفيق .
. 2308 - مَسْأَلَةٌ : السِّحْرُ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي السِّحْرِ : فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : يُقْتَلُ السَّاحِرُ وَلَا يُسْتَتَابُ - وَالسِّحْرُ كُفْرٌ - وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ - وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : يُقْتَلُ السَّاحِرُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا : إنْ كَانَ الْكَلَامُ الَّذِي يُسْحَرُ بِهِ كُفْرًا فَالسَّاحِرُ مُرْتَدٌّ ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ كُفْرًا فَلَا يُقْتَلُ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كَافِرًا .
وَذَكَرَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءَ : كَمَا نا
حُمَامٌ نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابْنُ مُفَرِّجٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا
الدَّبَرِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي
عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ ، قَالَ : إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى
جُزَيِّ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ - وَكَانَ عَامِلًا
nindex.php?page=showalam&ids=2لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - أَنْ اُقْتُلْ كُلَّ سَاحِرٍ ، وَكَانَ
بَجَالَةُ كَاتِبَ
جُزَيٍّ ، قَالَ
بَجَالَةُ : فَأَرْسَلْنَا فَوَجَدْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ ، فَضَرَبْنَا أَعْنَاقَهُنَّ .
وَبِهِ - إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ : إنَّ
قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَتَلَ سَاحِرًا
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ جَارِيَةً
لِحَفْصَةَ سَحَرَتْهَا فَاعْتَرَفَتْ بِذَلِكَ فَأَمَرَتْ بِهَا
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ فَقَتَلَهَا ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ ، فَقَالَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : مَا تُنْكِرُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ امْرَأَةٌ سَحَرَتْ وَاعْتَرَفَتْ ؟ فَسَكَتَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ .
[ ص: 411 ]
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٍ : أَنَّ
حَفْصَةَ سُحِرَتْ فَأَمَرَتْ
عُبَيْدَ اللَّهِ أَخَاهَا فَقَتَلَ سَاحِرَتَيْنِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14794الْعَطَّافِ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ أَبُو صَفْوَانَ قَالَ : رَأَيْت
nindex.php?page=showalam&ids=15959سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى جِدَارِ بَيْتٍ لِبَنِي أَخٍ لَهُ يَتَامَى ، أَتَاهُ غِلْمَةٌ أَرْبَعَةٌ ، وَمَعَهُمْ غُلَامٌ هُوَ أَشَفُّ مِنْهُمْ ، فَقَالَ : يَا
أَبَا عُمَرَ اُنْظُرْ مَا يَصْنَعُ هَذَا ؟ قَالَ : وَمَاذَا يَصْنَعُ ؟ قَالَ : فَسَلْ خَيْطًا مِنْ ثَوْبِهِ فَقَطَعَهُ -
وَسَالِمٌ يَنْظُرُ إلَيْهِ - فَجَمَعَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ ثُمَّ تَفَلَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، ثُمَّ مَدَّهُ ، فَإِذَا هُوَ صَحِيحٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، فَسَمِعْت
سَالِمًا يَقُولُ : لَوْ كَانَ لِي مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ لَصَلَبْتُهُ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ : أَنَّ
خَالِدَ بْنَ الْمُهَاجِرِ بْنِ خَالِدٍ قَتَلَ نَبَطِيًّا سَحَرَ - يَعْنِي ذِمِّيًّا .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17298يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : إنَّ غُلَامًا
nindex.php?page=showalam&ids=16673لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ سَاحِرَةً فَأَلْقَاهَا فِي الْمَاءِ فَطَفَتْ ، فَكَتَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : إنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْك أَنْ تُلْقِيهَا فِي الْمَاءِ ، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَاقْتُلْهَا .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : يُقْتَلُ سَاحِرُ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرُ
أَهْلِ الْكِتَابِ ، لِأَنَّ {
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ سَحَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ أَعْصَمَ ، وَامْرَأَةٌ مِنْ خَيْبَرَ يُقَالُ لَهَا : زَيْنَبُ ، فَلَمْ يَقْتُلْهُمَا ؟ }
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَهَؤُلَاءِ -
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ،
وَحَفْصَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَاهُ ،
وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانُ ،
وَقَيْسُ بْنُ رَبِيعَةَ .
وَمِنْ التَّابِعِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=15959سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ،
وَخَالِدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ .
وَأَمَّا مَنْ خَالَفَ هَذَا : فَكَمَا نا
حُمَامٌ نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابْنُ مُفَرِّجٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا
الدَّبَرِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ أَبُو الرِّجَالِ - عَنْ
عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ
عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَنْ دُبُرٍ ، وَأَنَّهَا سَحَرَتْهَا وَاعْتَرَفَتْ بِذَلِكَ ، وَقَالَتْ : أَحْبَبْت الْعِتْقَ ، فَأَمَرَتْ بِهَا
عَائِشَةُ ابْنَ أَخِيهَا أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ
الْأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مَلْكَتِهَا ، وَقَالَتْ : ابْتَعْ بِثَمَنِهَا رَقَبَةً فَأَعْتِقْهَا .
وَبِهِ - إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ
[ ص: 412 ] أَبِي الرِّجَالِ عَنْ
عَمْرَةَ ، قَالَتْ : مَرِضَتْ
عَائِشَةُ فَطَالَ مَرَضُهَا ، فَذَهَبَ بَنُو أَخِيهَا إلَى رَجُلٍ ، فَذَكَرُوا لَهُ مَرَضَهَا ؟ فَقَالَ : إنَّكُمْ لِتُخْبِرُونِي خَبَرَ امْرَأَةٍ مَطْبُوبَةٍ ، فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ ، فَإِذَا جَارِيَةٌ لَهَا قَدْ سَحَرَتْهَا وَكَانَتْ قَدْ دَبَّرَتْهَا ، فَقَالَتْ لَهَا : مَا أَرَدْتِ مِنِّي ؟ قَالَتْ : أَرَدْتُ أَنْ تَمُوتِي حَتَّى أَعْتِقَ ، قَالَتْ : فَإِنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ تُبَاعَ مِنْ أَشَدِّ
الْعَرَبِ مَلِكَةً ، فَبَاعَتْهَا ، وَأَمَرَتْ بِثَمَنِهَا أَنْ يُجْعَلَ فِي مِثْلِهَا .
وَعَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ عَطَاءٍ أَنَّ رَجُلًا عَبْدًا سَحَرَ جَارِيَةً عَرَبِيَّةً ، وَكَانَتْ تَتْبَعُهُ ، فَرَفَعَ إلَى
عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَكَانَ عَامِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - فَكَتَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِ أَرْضِهَا وَأَرْضِهِ ، ثُمَّ ادْفَعْ ثَمَنَهُ إلَيْهَا - وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْكَارَ قَتْلِ السَّاحِرِ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : فَلَمَّا اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ ، فَنَظَرْنَا فِي قَوْلِ مِنْ رَأَى قَتْلَ السَّاحِرَ ، فَوَجَدْنَاهُمْ يَقُولُونَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } الْآيَةُ قَالُوا : فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى السَّحَرَ كُفْرًا بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } .
قَالَ : " فَيُعَلِّمُونَ " بَدَلٌ مِنْ " كَفَرُوا " فَتَعْلِيمُ السِّحْرِ كُفْرٌ .
وَأَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } .
وَأَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ } .
وَبِقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } .
وَذَكَرُوا - مَا نا
حُمَامٌ نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابْنُ مُفَرِّجٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا
الدَّبَرِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ
إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
الْحَسَنِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17946nindex.php?page=treesubj&link=25584حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ } .
[ ص: 413 ]
وَبِهِ - إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12357إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16228صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48385مَنْ تَعَلَّمَ السِّحْرَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا كَانَ آخِرَ عَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ } .
حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ نا
أَحْمَدُ بْنُ جُهَيْمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12369إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ نا
الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ
سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ
أَبِي الْعَلَاءِ {
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَانَبَ عُقْبَةَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَنَزَلَ ، فَجَعَلَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ : جُنْدُبُ وَمَا جُنْدُبُ وَالْأَقْطَعُ الْخَبَرُ الْخَبَرُ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْنَا رَاجِزًا أَحْسَنَ رَجَزًا مِنْكَ اللَّيْلَةِ ، فَمَا جُنْدُبُ ، وَالْأَقْطَعُ ؟ قَالَ : أَمَّا جُنْدُبُ فَرَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يَضْرِبُ ضَرْبَةً يُبْعَثُ بِهَا أُمَّةً وَحْدَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَمَّا الْأَقْطَعُ فَرَجُلٌ تُقْطَعُ يَدُهُ فَتُدْخَلُ الْجَنَّةَ قَبْلَ جَسَدِهِ بِبُرْهَةٍ مِنْ الدَّهْرِ } .
فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْأَقْطَعَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3254زَيْدَ بْنَ صُوحَانَ ، قُطِعَتْ يَدُهُ يَوْمَ
الْيَرْمُوكِ قَبْلَ يَوْمِ الْجَمَلِ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - وَأَمَّا جُنْدُبُ ، فَهُوَ الَّذِي قَتَلَ السَّاحِرَ .
وَقَالَ : نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12107أَبُو عِمْرَانَ - هُوَ الْجَوْنِيُّ - أَنَّ سَاحِرًا كَانَ عِنْدَ
الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَجَعَلَ يَدْخُلُ فِي بَقَرَةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا ، فَرَآهُ
جُنْدُبٌ ، فَذَهَبَ إلَى بَيْتِهِ فَالْتَفَعَ عَلَى سَيْفِهِ ، فَلَمَّا دَخَلَ السَّاحِرُ جَوْفَ الْبَقَرَةِ ضَرَبَهُمَا ، قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ } فَانْدَفَعَ النَّاسُ وَتَفَرَّقُوا وَقَالُوا : حَرُورِي ، فَسَجَنَهُ
الْوَلِيدُ ، وَكَتَبَ بِهِ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ يُفْتَحُ لَهُ بِاللَّيْلِ فَيَذْهَبُ إلَى أَهْلِهِ ، فَإِذَا أَصْبَحَ رَجَعَ إلَى السِّجْنِ - قَالَ : فَيَرَوْنَ أَنَّ
جُنْدُبًا صَاحِبَ الضَّرْبَةِ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا ، قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ لَهُمْ غَايَةَ التَّقَصِّي ، وَأَتَيْنَا بِمَا لَمْ نَذْكُرْهُ أَيْضًا ، وَكُلُّ ذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُ ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ : أَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ :
[ ص: 414 ] أَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ عَنْهُ أَخَذُوا مَا اشْتَهَوْا مِنْهُ ، وَتَرَكُوا سَائِرَهُ ، وَهُوَ خَبَرٌ : نا
حُمَامٌ نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابْنُ مُفَرِّجٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا
الدَّبَرِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، كِلَاهُمَا عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : سَمِعْت
بَجَالَةَ كَاتِبَ
جُزَيٍّ يُحَدِّثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11866أَبَا الشَّعْثَاءِ ،
وَعَمْرَو بْنَ أَوْسٍ عَنْ صِفَةِ
زَمْزَمَ فِي إمَارَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=17095الْمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : كُنْتُ كَاتِبًا
لِجُزَيٍّ - عَمِّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ - فَأَتَى كِتَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ ، بِسَنَةٍ : اُقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ
الْمَجُوسِ ، وَانْهَهُمْ عَنْ الزَّمْزَمَةِ ، قَالَ : فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ ، قَالَ : وَصَنَعَ طَعَامًا كَثِيرًا وَعَرَضَ السَّيْفَ ، ثُمَّ دَعَا
الْمَجُوسَ فَأَلْقَوْا وِقْرَ بَغْلٍ ، أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ وَرِقِ أَخِلَّةً ، كَانُوا يَأْكُلُونَ بِهَا ، وَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ ، قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48387وَلَمْ يَكُنْ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ أَخَذَ مِنْ الْمَجُوسِ الْجِزْيَةَ حَتَّى شَهِدَ nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا مِنْ مَجُوسِ أَهْلِ هَجَرَ } فَهَكَذَا الْحَدِيثُ .
وَالْمَالِكِيُّونَ ، وَالْحَنَفِيُّونَ يُخَالِفُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ فِيمَا لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ فِيهِ مِنْ أَمْرِهِ : بِأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ
الْمَجُوسِ ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى إذْ يَقُولُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=49وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } .
فَهُوَ إذْ يَقُولُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } .
فَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَجُوسِيٍّ وَبَيْنَ حَرِيمَتِهِ ، وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ مَنْ لَيْسَ كِتَابِيًّا مِنْ الْعَجَمِ - فَخَالَفُوا الْقُرْآنَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، حَيْثُ لَا يَحِلُّ خِلَافُهُ وَقَلَّدُوهُ - بِزَعْمِهِمْ - حَيْثُ حَكَمَ فِيهِ بِمَا أَدَّاهُ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ ، مِمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ قُرْآنٌ ، وَلَا صَحَّتْ بِهِ سُنَّةٌ - فَهَذَا عَكْسُ الْحَقَائِقِ .
وَالزَّمْزَمَةُ - كَلَامٌ تَتَكَلَّمُ بِهِ
الْمَجُوسُ عِنْدَ أَكْلِهِمْ ، لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ ، وَلَا يَحِلُّ فِي دِينِهِمْ أَكْلٌ دُونَهُ - وَهُوَ كَلَامُ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ تَعَالَى يَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ خِلْقَةً وَشِفَاهُهُمْ مُطْبَقَةٌ ، لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ خِلَافُ ذَلِكَ - وَلَهُمْ خَشَبَاتٌ صِغَارٌ يَسْتَعْمِلُونَهَا عِنْدَ ذَلِكَ - وَأَخِلَّةٌ يَأْكُلُونَ بِهَا - وَهَذَا حُمْقٌ مِنْهُمْ وَتَكَلُّفٌ .
وَبِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَ سَاحِرًا فَدَفَنَهُ إلَى صَدْرِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ .
[ ص: 415 ] وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا نَفْسَهُ مِنْ حُكْمِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فِي السَّاحِرِ - وَحَتَّى لَوْ الْتَزَمُوا قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ كُلَّهُ لَكَانَ إذْ صَحَّ خِلَافُ
عَائِشَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهَا ، وَلَا قَوْلُهَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ .
فَالْوَاجِبُ عِنْدَ التَّنَازُعِ الرُّجُوعُ إلَى مَا افْتَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الرُّجُوعَ إلَيْهِ : مِنْ الْقُرْآنِ ، وَالسُّنَّةِ - فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِعُمَرَ فِي ذَلِكَ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
قَيْسِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَتَلَ سَاحِرًا ؟ فَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّاحِرُ كَافِرًا أَضَرَّ بِمُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ - وَهَكَذَا نَقُولُ .
وَأَيْضًا - فَقَدْ صَحَّ خِلَافُ ذَلِكَ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
فَسَقَطَ تَعَلُّقُهُمْ بِحَدِيثِ
قَيْسٍ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
حَفْصَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ ؟ فَقَدْ قُلْنَا : إنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرُوا فِي ذَلِكَ : فَوَجَدْنَا خَبَرَ
الْحَسَنِ مُرْسَلًا ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ - وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا ، لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ حَدُّ السَّاحِرِ : ضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ ، وَلَيْسَ فِيهِ قَتْلُهُ ، وَالضَّرْبَةُ قَدْ تُخْطِئُ فَتَجْرَحُ فَقَطْ ، وَقَدْ تَقْتُلُ - فَهُمْ قَدْ خَالَفُوا هَذَا الْخَبَرَ وَأَوْجَبُوا قَتْلَهُ وَلَا بُدَّ .
وَأَمَّا خَبَرُ
جُنْدُبَ فَفِي غَايَةِ السُّقُوطِ : أَوَّلُ ذَلِكَ - أَنَّهُ مُرْسَلٌ لَا يُدْرَى مِمَّنْ سَمِعَهُ
أَبُو الْعَلَاءِ .
فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْآيَةُ - فَوَجَبَ النَّظَرُ فِيهَا ، فَفَعَلْنَا - بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى - وَابْتَدَأْنَا بِأَوَّلِهَا مِنْ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } .
وَقَوْلُهُمْ " يُعَلِّمُونَ " بَدَلٌ مِنْ " كَفَرُوا " .
فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ - فَوَجَدْنَاهُ لَيْسَ كَمَا ظَنُّوا ، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ ، بَلْ الْقَوْلُ الظَّاهِرُ هُوَ أَنَّ الْكَلَامَ تَمَّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102كَفَرُوا } وَكَمُلَتْ الْقِصَّةُ ، وَقَامَتْ بِنَفْسِهَا صَحِيحَةٌ تَامٌّ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا } .
ثُمَّ ابْتَدَأَ تَعَالَى قِصَّةً أُخْرَى مُبْتَدَأَةً ، وَهُوَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } فَيُعَلِّمُونَ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ لَا بَدَلَ .
[ ص: 416 ] ثُمَّ لَوْ صَحَّ : أَنَّ " يُعَلِّمُونَ " بَدَلٌ مِنْ " كَفَرُوا " وَلَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ ذَلِكَ أَصْلًا ، لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ أَلْبَتَّةَ ، لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ حُكْمَ الشَّيَاطِينِ بَعْدَ أَيَّامِ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَذَلِكَ شَرِيعَةٌ لَا تَلْزَمُنَا ، وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّيَاطِينِ حُكْمٌ خَارِجٌ مِنْ حُكْمِنَا ، وَكُلُّ حُكْمٍ لَمْ يَكُنْ فِي شَرِيعَتِنَا فَلَا يَلْزَمُنَا .
بَلْ قَدْ صَحَّ : أَنَّ حُكْمَ " الْجِنِّ " الْيَوْمَ فِي شَرِيعَتِنَا غَيْرُ حُكْمِنَا ، كَمَا قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُمْ الرَّوْثَ وَالْعِظَامَ طَعَامًا وَالرَّوْثُ حَرَامٌ عِنْدَنَا وَحَلَالٌ لَهُمْ ، فَكَيْفَ وَإِذَا احْتَمَلَ ظَاهِرُ الْآيَةِ مَعْنَيَيْنِ ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ، إلَّا بِبُرْهَانٍ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ كِلَا الْوَجْهَيْنِ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا .
وَأَيْضًا - فَإِنَّ نَصَّ قَوْلِهِمْ : إنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا بِتَعْلِيمِ النَّاسِ السِّحْرَ - وَهُمْ يَزْعُمُونَ : أَنَّ الْمَلَكَيْنِ يُعَلِّمَانِ النَّاسَ السِّحْرَ ، وَلَا يَكْفُرُ الْمَلَكَانِ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ ، فَقَدْ أَقَرُّوا بِاخْتِلَافِ حُكْمِ تَعْلِيمِ السِّحْرِ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ كُفْرًا ، وَلَا يَكُونُ كُفْرًا بِذَلِكَ ، فَإِذْ قَدْ قَالُوا ذَلِكَ ، فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ : أَنَّ حُكْمَ السَّاحِرِ مِنْ النَّاسِ الْكُفْرُ قِيَاسًا عَلَى الشَّيَاطِينِ ، دُونَ أَنْ لَا يَكُونَ كُفْرًا قِيَاسًا عَلَى الْمَلَكَيْنِ ؟ فَكَيْفَ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ . ؟ فَصَحَّ - أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي تَكْفِيرِ السَّاحِرِ مِنْ النَّاسِ : بِأَنَّ الشَّيَاطِينَ يَكْفُرُونَ بِتَعْلِيمِهِ - هَذَا لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّ كُفْرَ الشَّيَاطِينِ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِتَعْلِيمِهِمْ النَّاسَ السِّحْرَ خَاصَّةً - وَهَذَا لَا يَصِحُّ لَهُمْ أَبَدًا .
بَلْ قَدْ كَفَرُوا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَكَانَ تَعْلِيمُهُمْ النَّاسَ السِّحْرَ ضَلَالًا زَائِدًا ، وَمَعْصِيَةً حَادِثَةً أُخْرَى ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْآيَةِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ ، إلَّا بِالدَّعْوَى الْعَارِيَّةِ مِنْ الْبُرْهَانِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
ثُمَّ صِرْنَا إلَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } فَوَجَدْنَاهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِي هَذَا الْكَلَامِ النَّهْيُ عَنْ الْكُفْرِ جُمْلَةً ، وَلَمْ يَقُولَا : فَلَا تَكْفُرْ بِتَعَلُّمِك السِّحْرِ ، وَلَا بِعِلْمِك السِّحْرَ ، هَذَا مَا لَا يُفْهَمُ مِنْ الْآيَةِ أَصْلًا .
وَهَكَذَا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30173لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ [ ص: 417 ] بَعْضٍ } إنَّمَا هُوَ نَهْيٌ أَنْ يَكْفُرُوا ابْتِدَاءً ، وَعَنْ أَنْ يَرْتَدُّوا فَقَطْ ، لَا أَنَّهُمْ بِقَتْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا يَكُونُونَ كُفَّارًا ، وَهَذَا بَيِّنٌ لَا خَفَاءَ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ . وَكُلُّ مَنْ أُقْحِمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : أَنَّ قَوْله تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ الْقَائِلِينَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ } أَنَّ مُرَادَهُمَا لَا تَكْفُرْ بِتَعَلُّمِك مَا نُعَلِّمُك فَقَدْ كَذَبَ ، وَزَادَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَمَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ أَصْلًا .
ثُمَّ صِرْنَا إلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ } فَوَجَدْنَا هَذَا أَبْعَدَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةٌ يُمَوِّهُونَ بِهَا مِنْ كُلِّ مَا سَلَفَ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ
أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَزَوْجِهَا لَا يَكُونُ كَافِرًا بِذَلِكَ ؟ بَلْ قَدْ وَجَدْنَا الْمَالِكِيِّينَ ، وَالْحَنَفِيِّينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ قَطُّ ، وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ، وَالتَّخْيِيرِ ، وَالتَّمْلِيكِ وَالْعِنَانَةِ ، وَعَدَمِ النَّفَقَةِ .
وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إبَاحَةُ الْحَنَفِيِّينَ لِمَنْ طَالَتْ يَدُهُ مِنْ الْفُسَّاقِ ، وَلِمَنْ قَصُرَتْ يَدُهُ مِنْهُمْ أَنْ يَأْتِيَ إلَى مَنْ عَشِقَ امْرَأَةَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَحْمِلَ السَّوْطَ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى يَنْطِقَ بِطَلَاقِهَا مُكْرَهٌ ، فَإِذَا اعْتَدَّتْ أَكْرَهَهَا الْفَاسِقُ عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بِالسِّيَاطِ أَيْضًا ، حَتَّى تَنْطِقَ بِالرِّضَا مُكْرَهَةً ، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ نِكَاحًا طَيِّبًا ، وَزَوَاجًا مُبَارَكًا ، وَوَطْئًا حَلَالًا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَتَاللَّهِ ، مَا فِي شَرِيعَةِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ أَعْظَمُ إثْمًا ، وَلَا أَشْنَعُ حَرَامًا وَأَبْعَدُ مِنْ رِضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا أَدْنَى ، مِنْ رَأْيِ إبْلِيسَ ، وَمِنْ
[ ص: 418 ] الشَّيَاطِينِ ، مِنْ هَذَا التَّفْرِيقِ الَّذِي أَمْضَوْهُ ، وَأَجَازُوهُ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ مِنْ مِثْلِ هَذَا وَشِبْهِهِ .
وَقَدْ نَجِدُ النَّمَّامَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ كَافِرًا ، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنْ يُكَفِّرُوا السَّاحِرَ بِذَلِكَ ؟ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا النَّصِّ جُمْلَةً .
وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ } إذْ لَيْسَ كُلُّ مَا ضَرَّ الْمَرْءُ يَكُونُ بِهِ كَافِرًا ، بَلْ يَكُونُ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى ، لَا كَافِرًا وَلَا حَلَالَ الدَّمِ .
ثُمَّ صِرْنَا إلَى قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=102وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ } إلَى قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=64لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } فَوَجَدْنَاهُمْ لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي تَكْفِيرِ السَّاحِرِ ، وَلَا فِي إبَاحَةِ دَمِهِ أَصْلًا ، لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ قَدْ تَكُونُ فِي مُسْلِمٍ بِإِجْمَاعِهِمْ مَعَنَا : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16131شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ نا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ نا
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48388إنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخَرِ ؟ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ لِبَاسَ الْحَرِيرِ لَيْسَ كُفْرًا ، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُ لَابِسِهِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
فَنَظَرْنَا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْآيَةِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ ، وَلَا مِنْ السُّنَنِ الصِّحَاحِ ، وَلَا فِي السُّنَنِ الْوَاهِيَةِ ، وَلَا فِي إجْمَاعٍ ، وَلَا فِي قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلَا فِي قِيَاسٍ ، وَلَا نَظَرٍ ، وَلَا رَأْيٍ سَدِيدٍ يَصِحُّ ، بَلْ كُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ مُبْطِلَةٌ لِقَوْلِهِمْ .
فَلَمَّا بَطَلَ قَوْلُ مَنْ رَأَى أَنْ يَقْتُلَ السَّاحِرَ جُمْلَةً ، وَقَوْلُ مَنْ ادَّعَى أَنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ بِالْجُمْلَةِ : وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ : فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } .
وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ }
[ ص: 419 ] وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ } .
قَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا } الْآيَةُ .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ } .
فَصَحَّ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ : أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ فَدَمُهُ حَرَامٌ إلَّا بِنَصٍّ ثَابِتٍ أَوْ إجْمَاعٍ مُتَيَقِّنٍ - فَنَظَرْنَا هَلْ نَجِدُ فِي السِّحْرِ نَصًّا ثَابِتًا بِتِبْيَانٍ مَا هُوَ ؟ فَوَجَدْنَا - مِنْ طَرِيق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ نا
هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ نا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16036سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ
أَبِي الْغَيْثِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13147 : اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ : الشِّرْكُ بِاَللَّهِ ، وَالسِّحْرُ ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَأَكْلُ الرِّبَا ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ } .
فَكَانَ هَذَا بَيَانًا جَلَّيَا بِأَنَّ السِّحْرَ لَيْسَ مِنْ الشِّرْكِ ، وَلَكِنَّهُ مَعْصِيَةٌ مُوبِقَةٌ كَقَتْلِ النَّفْسِ وَشَبَهِهَا ، فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَصَحَّ أَنَّ السِّحْرَ لَيْسَ كُفْرًا ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كُفْرًا فَلَا يَحِلُّ قَتْلُ فَاعِلِهِ ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=116072لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ ، وَزِنًى بَعْدَ إحْصَانٍ ، وَنَفْسٌ بِنَفْسٍ } .
فَالسَّاحِرُ لَيْسَ كَافِرًا كَمَا بَيَّنَّا ، وَلَا قَاتِلًا ، وَلَا زَانِيًا مُحْصَنًا ، وَلَا جَاءَ فِي قَتْلِهِ نَصٌّ صَحِيحٌ فَيُضَافُ إلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْمُحَارِبِ ، وَالْمَحْدُودِ فِي الْخَمْرِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
فَصَحَّ تَحْرِيمُ دَمِهِ بِيَقِينٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ .
وَوَجَدْنَا أَيْضًا - مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ نا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ [ ص: 420 ] يَقُولُ : إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17245هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48390كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِرَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلَا يَأْتِيهِنَّ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ : وَهَذَا أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ السِّحْرِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48391فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ - أَعَلِمْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتِهِ فِيهِ ؟ أَتَانِي رَجُلَانِ ، فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي ، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلِي ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلْآخَرِ : مَا بَالُ الرَّجُلِ ؟ فَقَالَ : مَطْبُوبٌ ، قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ حَلِيفُ الْيَهُودِ ، وَكَانَ مُنَافِقًا - قَالَ : وَفِيمَ ؟ قَالَ : فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ ، قَالَ : وَأَيْنَ ؟ قَالَ : فِي جُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ ، تَحْتَ رَاعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ، قَالَ : فَأَتَى الْبِئْرَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ ، قَالَ : فَهَذِهِ الْبِئْرُ الَّتِي رَأَيْتُهَا ، كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ ، وَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ ، قَالَ : فَاسْتُخْرِجَ ، فَقُلْتُ : أَفَلَا تَنَشَّرْتَ ؟ قَالَ : أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي ، وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا ؟ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : فَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ ، وَقَدْ عَرَّفَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَحَرَهُ ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ .
فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّهُ كَانَ مُنَافِقًا ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ : أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا - وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ : إنَّ الْكَافِرَ إذَا أَضَرَّ بِمُسْلِمٍ وَجَبَ قَتْلُهُ ، وَبَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ ، وَأَنَّ الْمُنَافِقَ إذَا عُرِفَ وَجَبَ قَتْلُهُ ؟ قُلْنَا : إنَّنَا كَذَلِكَ نَقُولُ ، لِأَنَّ الْبُرْهَانَ قَامَ بِذَلِكَ .
وَأَمَّا الذِّمِّيُّ - إذَا أَضَرَّ بِمُسْلِمٍ ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } فَإِنَّمَا حُرِّمَتْ دِمَاءُ
أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْتِزَامِ الصَّغَارِ ، فَإِذَا فَارَقُوا الصَّغَارَ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمْ ، وَسَقَطَ تَحْرِيمُ دِمَائِهِمْ ، وَعَادَتْ حَلَالًا كَمَا كَانَتْ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ دِمَاءَهُمْ أَبَدًا إلَّا بِالصَّغَارِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الصِّغَارُ فَدِمَاؤُهُمْ لَمْ تَحْرُمْ ، وَهُمْ إذَا أَضَرُّوا بِمُسْلِمٍ فَلَمْ يَصْغُرْ وَهُمْ وَقَدْ أَصْغَرُوهُ ، فَدِمَاؤُهُمْ حَلَالٌ .
وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - فَإِذَا عُرِفَ أَنَّهُ كَافِرٌ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48392مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَافْتَلُوهُ } فَهَذَا الْمُنَافِقُ أَوْ الْيَهُودِيُّ ، نَحْنُ عَلَى يَقِينٍ لَا مِرْيَةَ فِيهِ : أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ بِقَتْلِ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ ، وَلَا بِقَتْلِ مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الصَّغَارَ مِنْ
أَهْلِ الذِّمَّةِ .
[ ص: 421 ]
بُرْهَانُ ذَلِكَ - لَا يَشُكُّ أَنَّهُ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِقْدَارُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَتَعَمَّدُ عِصْيَانَ رَبِّهِ ، فَلَوْ أَمَرَهُ رَبُّهُ تَعَالَى بِقَتْلِهِمْ لَأَنْفَذَ ذَلِكَ ، فَإِذْ لَمْ يَقْتُلْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَبِيَقِينٍ نَقْطَعُ وَنَبُتُّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ بِقَتْلِ
أَهْلِ الْكِتَابِ مَا لَمْ يُؤَدُّوا الْجِزْيَةَ مَعَ الصَّغَارِ ، وَقَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِقَتْلِ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ .
فَإِنْ قَالُوا : قُولُوا كَذَلِكَ فِي السَّاحِرِ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، هَكَذَا نَقُولُ ، وَهُوَ أَنَّ السَّاحِرَ بِهَذَا الْخَبَرِ حَرَامُ الدَّمِ ، وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيُّ يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِ ، فَكَيْفَ بِسَيِّدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْلَنَ الْإِسْلَامَ وَأَسَرَّ الْكُفْرَ .
ثُمَّ صَحَّ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِتَحْرِيمِ دِمَاءِ
أَهْلِ الْكِتَابِ بِالْجِزْيَةِ مَعَ الصَّغَارِ ، وَإِبَاحَتِهَا بِعَدَمِ ذَلِكَ - وَصَحَّ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ ، فَصِرْنَا إلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَمْرٌ صَحِيحٌ بِقَتْلِ السَّاحِرِ ، فَبَقِيَ عَلَى تَحْرِيمِ الدَّمِ - فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .