بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام شمس الأئمة وفخر الإسلام
أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى اعلم أن مسائل أول الكتاب مبنية على الأصل الذي بيناه في كتاب الزكاة ، وهو أن ضم النقود بعضها إلى بعض في تكميل النصاب باعتبار معنى المالية فإن الذهب والفضة ، وإن كانا جنسين صورة ففي معنى المالية هما جنس واحد على معنى أنه تقوم الأموال بهما ، وأنه لا مقصود فيهما سوى أنهما قيم الأشياء وبهما تعرف خيرة الأموال ومقاديرها ووجوب
nindex.php?page=treesubj&link=2688الزكاة باعتبار المالية قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } ثم اعتبار كمال النصاب لأجل صفة الغنى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30817 : لا صدقة إلا عن ظهر غنى } والغنى بهما يكون بصفة واحدة واعتبار كمال النصاب لمعرفة مقدار الواجب ، وهما في مقدار الواجب فيهما كشيء واحد فإن الواجب فيهما ربع العشر على كل حال ، وكذلك وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=2994_2699الزكاة باعتبار معنى النماء فإنها لا تجب إلا في المال النامي ومعنى النماء فيها بطريق التجارة ، وربما يحصل بالتجارة في الذهب النماء من الفضة أو على عكس ذلك فكانا بمنزلة عروض التجارة في معنى النماء وعروض التجارة ، وإن كانت أجناسا مختلفة صورة يضم بعضها إلى بعض في حق حكم الزكاة ، فكذلك النقود .
ألا ترى أن نصاب كل واحد منهما يكمل بما يكمل به نصاب الآخر ، وهو العروض فكذلك يكمل نصاب أحدهما بالآخر بخلاف السوائم ثم على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى يضم أحد النقدين إلى الآخر باعتبار القيمة
وعندهما باعتبار الأجزاء ; لأن المقصود تكميل النصاب ، ولا معتبر بالقيمة فيه .
ألا ترى أن من كانت
nindex.php?page=treesubj&link=2686له عشرة دنانير وهي تساوي مائتي درهم لا تجب عليه الزكاة ، والدليل عليه أن المعتبر صفة المالية والمالية من الذهب والفضة باعتبار الوزن إليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله {
جيدها ورديئها سواء } وباعتبار الوزن لا يمكن تكميل النصاب إلا من حيث الأجزاء .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : ضم الأجناس المختلفة بعضها إلى بعض في تكميل النصاب لا يكون إلا باعتبار القيمة
[ ص: 21 ] كما في عروض التجارة ، وهذا ; لأن المعتبر صفة المالية ، وصفة الغنى للمالك ، ذلك إنما يحصل باعتبار القيمة ، وإنما لا تعتبر قيمة النقد عند الانفراد فأما عند مقابلة أحدهما بالآخر فتعتبر القيمة
ألا ترى أن
nindex.php?page=treesubj&link=25469من كسر على إنسان قلب فضة جيدة فإنه يجب عليه قيمته من الذهب فلما كان في حقوق العبادة تعتبر القيمة عند مقابلة أحدهما بالآخر فكذلك في حق الله تعالى تعتبر القيمة عند ضم أحدهما إلى الآخر . إذا عرفنا هذا فنقول
nindex.php?page=treesubj&link=2686_2699 : رجل له ثمانية دنانير ثمنها مائة درهم ومائة درهم حال عليهما الحول فعليه الزكاة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله تعالى ; لأن نصابه بلغ مائتي درهم باعتبار القيمة وفي قول
أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى لا زكاة عليه ; لأن نصابه ناقص باعتبار الأجزاء فإنه يملك نصف نصاب من الفضة وخمسي نصاب الذهب فإذا جمعت بينهما كانت أربعة أخماس نصاب ونصف خمس .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ أَوَّلِ الْكِتَابِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ ، وَهُوَ أَنَّ ضَمَّ النُّقُودِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ، وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ صُورَةً فَفِي مَعْنَى الْمَالِيَّةِ هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ تُقَوَّمُ الْأَمْوَالُ بِهِمَا ، وَأَنَّهُ لَا مَقْصُودَ فِيهِمَا سِوَى أَنَّهُمَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ وَبِهِمَا تُعْرَفُ خِيرَةُ الْأَمْوَالِ وَمَقَادِيرُهَا وَوُجُوبُ
nindex.php?page=treesubj&link=2688الزَّكَاةِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } ثُمَّ اعْتِبَارُ كَمَالِ النِّصَابِ لِأَجْلِ صِفَةِ الْغِنَى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30817 : لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى } وَالْغِنَى بِهِمَا يَكُونُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَاعْتِبَارُ كَمَالِ النِّصَابِ لِمَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الْوَاجِبِ ، وَهُمَا فِي مِقْدَارِ الْوَاجِبِ فِيهِمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِمَا رُبْعُ الْعُشْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَكَذَلِكَ وُجُوبُ
nindex.php?page=treesubj&link=2994_2699الزَّكَاةِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى النَّمَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا فِي الْمَالِ النَّامِي وَمَعْنَى النَّمَاءِ فِيهَا بِطَرِيقِ التِّجَارَةِ ، وَرُبَّمَا يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ فِي الذَّهَبِ النَّمَاءُ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَكَانَا بِمَنْزِلَةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي مَعْنَى النَّمَاءِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا مُخْتَلِفَةً صُورَةً يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي حَقِّ حُكْمِ الزَّكَاةِ ، فَكَذَلِكَ النُّقُودُ .
أَلَا تَرَى أَنَّ نِصَابَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكْمُلُ بِمَا يَكْمُلُ بِهِ نِصَابُ الْآخَرِ ، وَهُوَ الْعُرُوض فَكَذَلِكَ يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ بِخِلَافِ السَّوَائِمِ ثُمَّ عَلَى أَصْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ
وَعِنْدَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَكْمِيلُ النِّصَابِ ، وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْقِيمَةِ فِيهِ .
أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=2686لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَهِيَ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ صِفَةُ الْمَالِيَّةِ وَالْمَالِيَّةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ إلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ {
جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ } وَبِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ لَا يُمْكِنُ تَكْمِيلُ النِّصَابِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْأَجْزَاءِ .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : ضَمُّ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ
[ ص: 21 ] كَمَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ ، وَهَذَا ; لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ صِفَةُ الْمَالِيَّةِ ، وَصِفَةُ الْغِنَى لِلْمَالِكِ ، ذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ ، وَإِنَّمَا لَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ النَّقْدِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فَأَمَّا عِنْدَ مُقَابَلَةِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ
أَلَا تَرَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25469مَنْ كَسَرَ عَلَى إنْسَانٍ قَلْبَ فِضَّةٍ جَيِّدَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِنْ الذَّهَبِ فَلَمَّا كَانَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادَةِ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ مُقَابَلَةِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ . إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ
nindex.php?page=treesubj&link=2686_2699 : رَجُلٌ لَهُ ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ ثَمَنُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ حَالَ عَلَيْهِمَا الْحَوْلُ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ; لِأَنَّ نِصَابَهُ بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَفِي قَوْلِ
أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ نِصَابَهُ نَاقِصٌ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ نِصْفَ نِصَابٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَخُمُسَيْ نِصَابِ الذَّهَبِ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَهُمَا كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ نِصَابٍ وَنِصْفَ خُمُسٍ .