( قال ) :
nindex.php?page=treesubj&link=2377المغمى عليه في جميع الشهر إذا أفاق بعد مضيه فعليه القضاء إلا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري فإنه يقول : سبب وجود الأداء ، وهو شهود الشهر لم يتحقق في حقه لزوال عقله بالإغماء ووجوب القضاء ينبني عليه .
( ولنا ) أن الإغماء مرض ، وهو عذر في تأخير الصوم إلى زواله لا في إسقاطه ، وهذا لأن الإغماء يضعف القوى ولا يزيل الحجا ألا ترى أنه لا يصير موليا عليه وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتلي بالإغماء في مرضه ، وكان معصوما عما يزيل العقل قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=29فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون } فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=2351كان مجنونا في جميع الشهر فلا قضاء عليه إلا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله تعالى فإنه يقول : الجنون مرض يخل العقل فيكون عذرا في التأخير إلى زواله لا في إسقاط الصوم كالإغماء ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19570رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ } ومن كان مرفوعا عنه القلم لا يتوجه عليه الخطاب بأداء الصوم والقضاء ينبني عليه
[ ص: 88 ] ثم الجنون يزيل عقله فلا يتحقق معه شهود الشهر ، وهو السبب الموجب للصوم بخلاف الإغماء فإنه يعجزه عن استعمال عقله ولا يزيله فلذلك جعل شاهدا للشهر حكما ، وهو كابن السبيل تلزمه الزكاة لقيام ملكه ، وإن عجز عن إثبات اليد عليه بخلاف من هلك ماله .
( قال ) : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=2354أفاق المجنون في بعض الشهر فعليه صوم ما بقي من الشهر وليس عليه قضاء ما مضى في القياس ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمهما الله تعالى لأنه لو استوعب الشهر كله منع القضاء في الكل فإذا وجد في بعضه يمنع القضاء بقدره اعتبارا للبعض بالكل وقياسا على الصبي ، وهذا ; لأن الصبي أحسن حالا من المجنون فإنه ناقص العقل في بعض أحواله عديم العقل في بعض أحواله ، والمجنون عديم العقل بعيد عن الإصابة عادة ، ولهذا جاز إعتاق الصغير عن الكفارة دون المجنون فإذا كان الصغر في بعض الشهر يمنع وجوب القضاء فالجنون أولى استحسن علماؤنا بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، والمراد منه شهود بعض الشهر ; لأنه لو كان السبب شهود جميع الشهر لوقع الصوم في شوال فصار بهذا النص شهود جزء من الشهر سببا لوجوب صوم جميع الشهر إلا في موضع قام الدليل على خلافه ، ثم الجنون عارض أعجزه عن صوم بعض الشهر مع بقاء أثر الخطاب فيلزمه القضاء كالإغماء وبيان الوصف أنه لو كان حج ثم جن بقي المؤدى فرضا له وكذلك لو كان صلى الفرض ثم جن ، وبقاء المؤدى فرضا دليل بقاء أثر الخطاب ، فأما إذا استوعب الجنون الشهر كله فإنما أسقطنا القضاء لا لانعدام أثر الخطاب بل لدفع الحرج والمشقة ، والحرج عذر مسقط للقضاء كالحيض في حق الصلاة فحاصل الكلام أن الوجوب في الذمة ، ولا ينعدم ذلك بسبب الصبا ولا بسبب الجنون ولا بسبب الإغماء إلا أن الصبا يطول عادة فيكون مسقطا للقضاء دفعا للحرج ، والإغماء لا يطول عادة فلا يكون مسقطا للقضاء والجنون قد يطول وقد يقصر فإذا طال التحق بما يطول عادة ، وإذا قصر التحق بما يقصر عادة ثم فرق ما بين الطويل والقصير في الصوم أن يستوعب الشهر كله ; لأن الشهر في حكم الأجل ، وفي الصلاة أن يزيد على يوم وليلة لتدخل الفوائت في حد التكرار ، وعلى هذا الأصل قلنا لو
nindex.php?page=treesubj&link=2375نوى الصوم بالليل ثم جن بالنهار جاز صومه عن الفرض في ذلك اليوم خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله تعالى ; لأن الجنون لا ينافي العبادة ولا صفة الفرضية فإن الأهلية للعبادة لكونه أهلا لثوابها وركن الصوم بعد النية هو الإمساك ، والجنون لا ينافيه
( قَالَ ) :
nindex.php?page=treesubj&link=2377الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ إذَا أَفَاقَ بَعْدَ مُضِيِّهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ : سَبَبُ وُجُودِ الْأَدَاءِ ، وَهُوَ شُهُودُ الشَّهْرِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي حَقِّهِ لِزَوَالِ عَقْلِهِ بِالْإِغْمَاءِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ يَنْبَنِي عَلَيْهِ .
( وَلَنَا ) أَنَّ الْإِغْمَاءَ مَرَضٌ ، وَهُوَ عُذْرٌ فِي تَأْخِيرِ الصَّوْمِ إلَى زَوَالِهِ لَا فِي إسْقَاطِهِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يُضْعِفُ الْقُوَى وَلَا يُزِيلُ الْحِجَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا عَلَيْهِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اُبْتُلِيَ بِالْإِغْمَاءِ فِي مَرَضِهِ ، وَكَانَ مَعْصُومًا عَمَّا يُزِيلُ الْعَقْلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=29فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ } فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=2351كَانَ مَجْنُونًا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَقُولُ : الْجُنُونُ مَرَضٌ يُخِلُّ الْعَقْلَ فَيَكُونُ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ إلَى زَوَالِهِ لَا فِي إسْقَاطِ الصَّوْمِ كَالْإِغْمَاءِ وَلَنَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=19570رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ } وَمَنْ كَانَ مَرْفُوعًا عَنْهُ الْقَلَمُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْخِطَابُ بِأَدَاءِ الصَّوْمِ وَالْقَضَاءُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ
[ ص: 88 ] ثُمَّ الْجُنُونُ يُزِيلُ عَقْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ شُهُودُ الشَّهْرِ ، وَهُوَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لِلصَّوْمِ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يُعْجِزُهُ عَنْ اسْتِعْمَالِ عَقْلِهِ وَلَا يُزِيلُهُ فَلِذَلِكَ جُعِلَ شَاهِدًا لِلشَّهْرِ حُكْمًا ، وَهُوَ كَابْنِ السَّبِيلِ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ لِقِيَامِ مِلْكِهِ ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ هَلَكَ مَالُهُ .
( قَالَ ) : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2354أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ فَعَلَيْهِ صَوْمُ مَا بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى فِي الْقِيَاسِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ الشَّهْرَ كُلَّهُ مُنِعَ الْقَضَاءُ فِي الْكُلِّ فَإِذَا وُجِدَ فِي بَعْضِهِ يُمْنَعُ الْقَضَاءُ بِقَدْرِهِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَقِيَاسًا عَلَى الصَّبِيِّ ، وَهَذَا ; لِأَنَّ الصَّبِيَّ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ نَاقِصُ الْعَقْلِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ عَدِيمُ الْعَقْلِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ ، وَالْمَجْنُونُ عَدِيمُ الْعَقْلِ بَعِيدٌ عَنْ الْإِصَابَةِ عَادَةً ، وَلِهَذَا جَازَ إعْتَاقُ الصَّغِيرِ عَنْ الْكَفَّارَةِ دُونَ الْمَجْنُونِ فَإِذَا كَانَ الصِّغَرُ فِي بَعْضِ الشَّهْرِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْقَضَاءِ فَالْجُنُونُ أَوْلَى اسْتَحْسَنَ عُلَمَاؤُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ شُهُودُ بَعْضِ الشَّهْرِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَبُ شُهُودَ جَمِيعِ الشَّهْرِ لَوَقَعَ الصَّوْمُ فِي شَوَّالٍ فَصَارَ بِهَذَا النَّصِّ شُهُودُ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ سَبَبًا لِوُجُوبِ صَوْمِ جَمِيعِ الشَّهْرِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ ، ثُمَّ الْجُنُونُ عَارِضٌ أَعْجَزَهُ عَنْ صَوْمِ بَعْضِ الشَّهْرِ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ الْخِطَابِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ كَالْإِغْمَاءِ وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَجَّ ثُمَّ جُنَّ بَقِيَ الْمُؤَدَّى فَرْضًا لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ صَلَّى الْفَرْضَ ثُمَّ جُنَّ ، وَبَقَاءُ الْمُؤَدَّى فَرْضًا دَلِيلُ بَقَاءِ أَثَرِ الْخِطَابِ ، فَأَمَّا إذَا اسْتَوْعَبَ الْجُنُونُ الشَّهْرَ كُلَّهُ فَإِنَّمَا أَسْقَطْنَا الْقَضَاءَ لَا لِانْعِدَامِ أَثَرِ الْخِطَابِ بَلْ لِدَفْعِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ، وَالْحَرَجُ عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِلْقَضَاءِ كَالْحَيْضِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ فَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ الْوُجُوبَ فِي الذِّمَّةِ ، وَلَا يَنْعَدِمُ ذَلِكَ بِسَبَبِ الصِّبَا وَلَا بِسَبَبِ الْجُنُونِ وَلَا بِسَبَبِ الْإِغْمَاءِ إلَّا أَنَّ الصِّبَا يَطُولُ عَادَةً فَيَكُونُ مُسْقِطًا لِلْقَضَاءِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ ، وَالْإِغْمَاءُ لَا يَطُولُ عَادَةً فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِلْقَضَاءِ وَالْجُنُونُ قَدْ يَطُولُ وَقَدْ يَقْصُرُ فَإِذَا طَالَ الْتَحَقَ بِمَا يَطُولُ عَادَةً ، وَإِذَا قَصُرَ الْتَحَقَ بِمَا يَقْصُرُ عَادَةً ثُمَّ فَرَّقَ مَا بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي الصَّوْمِ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الشَّهْرَ كُلَّهُ ; لِأَنَّ الشَّهْرَ فِي حُكْمِ الْأَجَلِ ، وَفِي الصَّلَاةِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِتَدْخُلَ الْفَوَائِتُ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=2375نَوَى الصَّوْمَ بِاللَّيْلِ ثُمَّ جُنَّ بِالنَّهَارِ جَازَ صَوْمُهُ عَنْ الْفَرْضِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ; لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الْعِبَادَةَ وَلَا صِفَةَ الْفَرْضِيَّةِ فَإِنَّ الْأَهْلِيَّةَ لِلْعِبَادَةِ لِكَوْنِهِ أَهْلًا لِثَوَابِهَا وَرُكْنُ الصَّوْمِ بَعْدَ النِّيَّةِ هُوَ الْإِمْسَاكُ ، وَالْجُنُونُ لَا يُنَافِيهِ