الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال عارية عندي لملك فلان أو لميراثه كان إقرارا أيضا ، ولو قال : والثوب والدابة عارية عندي لحق فلان ، لا يكون إقرارا لأن اللام قد تكون للتأكيد ، وقد تكون للوقت كما في قوله تعالى { لدلوك الشمس } وقوله تعالى { فطلقوهن لعدتهن } . وقد تكون للتمليك ، وقد تكون للتعليل فعلى هذه الوجوه حمل قوله لملك فلان أو لميراث فلان إقرارا مؤكدا ، وأما إذا قال لحق فلان فنقول : اللام قد تكون بمعنى المجازاة كقول الرجل لغيره أكرمتك لتكرمني وزرتك لتزورني ، وقد تكون لبيان الحرمة كالرجل يريد أن يضرب عبده فنهاه الغير فيقول تركته لك أي لحرمتك وشفاعتك فهنا قوله لحق [ ص: 3 ] فلان يحتمل معنى الشفاعة والحرمة يعني لأجل شفاعته وحرمته إعادة صاحبه ، فهنا قوله " مني " فلما احتمل هذا المعنى لم يجعل إقرارا له بالشك بخلاف قوله لملك فلان أو لميراثه فإن ذلك لا يحتمل معنى الحرمة والشفاعة . وكذلك لو قال : هذا الألف مضاربة عندي لحق فلان لم يكن إقرارا ; لأنه محتمل لمعنى الحرمة والشفاعة أي إنما رفعها صاحبها إلى مضاربة لأجل شفاعة فلان وحرمته بخلاف ما لو أقر بالقرض لحق فلان فإنه يكون إقرارا ; لأن القرض لا تجزئ فيه الشفاعة عادة إنما تجزئ فيه الكفالات ، فإذن انتفى معنى الشفاعة في القرض فبقي إقرارا لملكه بخلاف العواري والمضاربة فإنه تجزئ فيهما الشفاعات عادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية