الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو استقرض في مرضه مالا أو اشترى شيئا وعاين الشهود قبضه ذلك فهذا يحاص غرماء الصحة ; لأنه لا يتمكن التهمة فيما يثبت بمعاينة الشهود ، وليس فيه إبطال حق الغرماء عن شيء بل فيه تحويل حقهم من محل إلى محل بعدله فظهر هذا السبب في حقهم ، وكان صاحبه مزاحما لهم في الشركة ولو لم تكن التركة إلا عين المال الذي أخذه قرضا أو بيعا فهو كذلك ; لأن بالقبض تم ملكه فكان من جملة تركته عند موته يتعلق به حق جميع غرمائه والبائع إنما [ ص: 28 ] يكون أحق بالمبيع ما لم يسلم ، فأما إذا سلم ، فقد أبطل حقه في الاختصاص كالمرتهن إذا رد الرهن كان مساويا لسائر الغرماء فيه ولما التحق ما وجب بالسبب المعاين في المرض بالواجب في حال الصحة حتى استوى به كان مقدما على ما أقر به في المرض بمنزلة دين الصحة ، وهذا لأن السبب المعاين أو الثابت بالبينة يكون أقوى من الثابت بالإقرار والحكم يثبت بحسب السبب والحقوق تترتب بحسب القوة والضعف .

( ألا ترى ) أن الكفن مقدم على الدين في التركة لقوة سببه ، ثم الدين مقدم على الوصية والميراث فكذلك هنا ، ولو قضى دين هذا الذي أخذ منه في المرض كان جائزا ، وهو له دون غرماء الصحة ; لأنه حول حق الغرماء من محل إلى محل بعدله فليس في هذا القضاء لفظا إبطال حقهم عن شيء فكانت مباشرته في المرض والصحة سواء أرأيت لو رد ما استقرض بعينه أو فسخ البيع ورد المبيع بعيب أكان يمتنع سلامته للمردود عليه لحق غرماء الصحة ؟ لا يمتنع ذلك فكذلك إذا رد بدله ; لأن حكم البدل حكم المبدل .

التالي السابق


الخدمات العلمية