الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو ادعى رجل دارا ، فقال هذه الدار لي إلا هذا البيت وجحده ذو اليد فأقام المدعي البينة أن الدار له ، فإن قال كان البيت لي فبعته قبلت بينته لأن الشهود ، وإن شهدوا له بأكثر مما ادعاه إلا أنه وفق بين الدعوى والشهادة بتوقيف محتمل فيخرج من أن يكون مكذبا لشهوده ، وإن قال لم يكن البيت لي قط فهذا إكذاب منه لشهوده إذا شهدوا له بجميع الدار والمدعي إذا أكذب شهوده بطلت شهادتهم له ، وإن لم يقل شيئا من ذلك سأله القاضي عنه ; لأن الحكم يختلف ببيانه من سؤاله ، فإن أتى ببينة لم تقبل بينته ; لأنه في الظاهر مكذب شهوده فإنهم شهدوا له بأكثر مما ادعاه إلا أنه كان متمكنا من التوقيف ، فإذا أبى أن يوقف نفى ظاهر الإكذاب أرأيت لو قضي بهذه البينة ، ثم قال المدعي ما كان البيت لي قط لم يكن بحق عليه إبطال قضائه فكذلك في الابتداء لا يقضى إذا لم يبين ، وعلى هذا لو ادعى رجل على رجل بالألف درهم وشهد له شاهدان بألفين ، فإن قال لم يكن لي عليه إلا ألف درهم فهذا إكذاب منه لشهوده . وإن قال كان لي عليه ألفان فأبرأته من ألف قبلت بينته ، وإن أبى أن يبين بطلت الشهادة وهذا استحسان في الفصلين ، وفي القياس تقبل البينة ; لأن البينات حجج فيجب العمل بها ما أمكن وما دام التوقيف ممكنا فالمانع من العمل بالبينة غير متعذر ولكن استحسن للإكذاب الظاهر على ما بينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية