وإن فهو جائز في القياس ، وقول الآخر " حتى تستأمرني " باطل لأنهما اتفقا على الوكالة بالبيع وانفرد أحدهما بزيادة لفظ ، وهو قوله : " لا تبع حتى تستأمرني " فكان قياس ما لو شهد أحدهما بالعزل ، وقد بينا هناك أنه يثبت ما اتفقا عليه من الوكالة ، ولا يثبت ما انفرد به أحدهما وهو العزل فهذا مثله ، فقد أشار إلى القياس ولم يذكر الاستحسان وقيل : جواب الاستحسان أنه لا يقضي بشيء لأنه في قوله : " لا تبع حتى تستأمرني " يفسد الوكالة ، فإنما شهد أحدهما بوكالة مطلقة والآخر بوكالة مقيدة ، والمقيد غير المطلق فلم يثبت واحد منهما بخلاف العزل ، فإنه رفع للوكالة لا يفسد لها ، ولو قال أحد الشاهدين : " وكل هذا بالبيع " ، وقال الآخر : " وكل هذا وهذا " لم يكن لهما ولا لأحدهما أن يبيع لأن الشاهد بوكالة الثاني واحد ، ولا تثبت وكالته بشهادة الواحد ، والشاهد بثبوت حق التفرد للأول بالبيع واحد ، وهو الذي شهد بوكالته خاصة فإن الآخر شهد بوكالة الاثنين ، وليس لأحد الوكيلين أن ينفرد بالبيع فلهذا لم يكن لأحدهما أن يبيع ، فإن قيل إذا اجتمعا على البيع كان ينبغي أن ينفذ لاتفاق الشاهدين على نفوذه عند مباشرتهما ، ولا اعتبار بمباشرة الثاني ; لأنه ليس بوكيل من جهة صاحب العبد ، فإن الشاهد بوكالته واحد ، وليس بوكيل من جهة الوكيل الأول فسقط اعتبار مباشرته لنفوذ هذا البيع ، وكذلك هذا في قبض الدين ، ولو كان هذا في الوكالة بالخصومة ، كان الذي اجتمعا عليه هو الخصم ; لأنهما اتفقا على ثبوت حق التفرد له في الخصومة ، فإن أحد الوكيلين في الخصومة ينفرد بها ، ولكن إذا قضى له لا يملك القبض ; لأن أحد الوكيلين لا ينفرد بالقبض ، فليس على ثبوت حق التفرد له بالقبض إلا شاهد واحد فلهذا لا يقبضه . شهد أحدهما أنه وكله ببيع هذا العبد وشهد الآخر أنه وكله بالبيع ، وقال : " لا تبع حتى تستأمرني " فباع الوكيل العبد