الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو وكله بطعام فقال : بعه كل كر بخمسين ، فباعه كله ، فهو جائز ; لأن حرف كل جامع لكل ما يضاف إليه ، وقد أضافه إلى الطعام ، فيجمع كل كر منه ، وإن قال : بعه بمثل ما باع به فلان الكر ، فقال فلان : بعت الكر بأربعين ، فباع الوكيل بأربعين ، ثم وجد فلانا باعه بخمسين ، فالبيع مردود ; لأنه تبين أنه باعه بأقل مما سمى له ; وأن فلانا أخبر بالباطل ، والمخبر به إذا كان كذبا ; فبالإخبار به لا يصير صدقا ، وجهل الوكيل لا يبطل حق الموكل ، ولا يجعل الوكيل موافقا ، وإن كان فلان باع كرا بخمسين ، فباع هذا كراره بخمسين خمسين ، ثم باع فلان بعد ذلك بستين - فهو جائز ، ولا ضمان على الوكيل ; لأنه أمره بالبيع ، بمثل ما باع به فلان في الماضي ، لا بمثل ما يبيع في المستقبل ، وقد امتثل أمره في ذلك ، وإن كان فلان باع كرا بأربعين ، وكرا بخمسين ، فباع الوكيل طعامه كل كر بأربع وأربعين ففي القياس لا يجوز بيع الوكيل ; لأن جوازه يعتمد رضا الموكل ، وفي رضاه بأربعين شك ولما كان فلان باع تارة بخمسين ، وتارة [ ص: 58 ] بأربعين ، فالظاهر أن مراد الآمر بهذا : بع على ما باع به فلان لا أدناه ، ولكنه ترك القياس ، واستحسن فقال : يجوز ; لأنه امتثل ما سمى له ، فإنه سمى له البيع بمثل ما باع به فلان ، وإذا كان قد باعه بأربعين ; فهذا قد باع بمثل ما باع به فلان ; وهذا لأن في المنصوصات يعتبر أدنى ما يتناوله الاسم لا نهايته ، ألا ترى أنه إذا شرط صفة الجودة في المبيع يعتبر أدنى الجودة لا أعلاها ، ولأنا لو لم ننفذ بيعه لم نجد بدا من أن نجعل الوكيل ضامنا ، وبالشك لا يجب عليه الضمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية