الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو استأجر أجيرا يخدمه في سفره وفي مصره الذي أتاه ليخبز له ويطبخ ويغسل ثيابه ويعمل له ما لا بد له منه ، احتسب بذلك على المضارب ; لأنه لو لم يستأجر احتاج إلى إقامة هذه الأعمال بنفسه فإنه ما لا بد له منه ، وإذا عمل له أجيره ، تفرغ هو للعمل في مال المضاربة ، فكان في هذا الاستئجار منفعة للمضاربة .

وكذلك لو كان معه غلمان له يعملون في المال ، كانوا بمنزلته ، ونفقتهم في مال المضاربة ; لأن نفقتهم كنفقته وهم يعملون له في المال كما يعمل هو ، ومن يستحق نفقته على إنسان يستحق نفقة خادمه كالمرأة على زوجها ، إلا أنها لا تحتاج إلى الزيادة على خادم واحد في عملها للزوج في بيته ، وقد يحتاج المضارب إلى غلمان يعملون في المال معه ، فلهذا كانت نفقتهم في مال المضاربة وكذلك لو كان للمضارب دواب يحمل عليها متاع المضاربة إلى مصر من الأمصار ، كان علفها على المضاربة مادام في عملها ; لأنها بالعلف تتقوى على حمل المتاع ، ومنفعة ذلك راجعة إلى مال المضاربة ، وإذا أراد القسمة ، بدأ برأس المال ، فأخرج من المال ، وجعلت النفقة مما بقي ، فإن بقي من ذلك شيء ، فهو الربح يقسم بين المضارب ورب المال على ما اشترطا .

وكذلك لو كان أنفق في سفره من المال بعضه قبل أن يشتري به شيئا ، ثم اشترى بالباقي وباع وربح ، استوفى رب المال رأس ماله كاملا ; لأن ما أنفقه المضارب يجعل كالتاوي وقد بينا أن العقد يبقى في الكل بعد هلاك بعض رأس المال ، فيحصل جميع رأس المال ، وما بقي بينهما على الشرط .

التالي السابق


الخدمات العلمية