الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا سافر المضارب بمال المضاربة فاشترى طعامه وكسوته ، واستأجر ما يركب عليه من ماله ; ليرجع به في مال المضاربة . فلم يرجع به حتى توي مال المضاربة

، ولم يرجع على رب المال بتلك النفقة ; لأن حقه كان في المال لا في ذمة رب المال ، وبهلاك المال فات محل حقه فيبطل حقه ; كالعبد الجاني ، أو المديون إذا مات .

ومال الزكاة إذا هلك ، لا تبقى الزكاة واجبة بعد هلاك المال .

وكذلك لو لم يكن نقد ماله في ذلك ، فكان ثمن الطعام والكسوة ، وأجرة الدابة دينا عليه ; لأنه التزمه بمباشرة سبب الالتزام ، فلا يستوجب شيئا من ذلك في ذمة رب المال ، وهذا بخلاف ما إذا استأجر دابة ; ليحمل عليها متاع المضاربة ، أو اشترى طعاما للمضاربة ، فضاع المال قبل أن ينفذ فإنه يرجع بذلك على رب المال ; لأنه فيما يشتري للمضاربة عامل لرب المال بأمره ، فعليه أن يخلصه من عهدة عمله ، وذلك في رجوعه عليه بالثمن في الأجرة فيما تعذر إيفاؤه من المال الذي في يده .

فأما فيما يشتري أو يستأجر [ ص: 72 ] لحاجة نفسه ، هو عامل لنفسه ، وهو فيما هو عامل لنفسه لا يستوجب الرجوع على رب المال بما يلحقه من العهدة ، وإنما كان يرجع في مال المضاربة ; لأن سعيه لأجل مال المضاربة ، وهذا لا يوجد في مال آخر لرب المال ، فلا يستوجب الرجوع في ذلك بعد هلاك مال المضاربة .

التالي السابق


الخدمات العلمية