الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو أخذ الأب لابنه الصغير مال رجل مضاربة بالنصف ، على أن يعمل به الأب للابن فعمل به الأب فربح فالربح بين رب المال والأب نصفان ، ولا شيء للابن من ذلك ; لأن الربح في المضاربة يستوجب بالعمل ، وإذا كان العمل مشروطا على الأب فما يقابله من الربح يكون له وهذا ; لأنه يعمل بمنافعه وهو العقد على منافع نفسه ، ولا يكون نائبا عن الابن فكانت الإضافة إلى الابن لغوا إذا كان العمل مشروطا على الأب .

ولو كان مثله يشتري ويبيع فأخذه الأب على أن يشتري به الغلام ويبيع ، والربح نصفان فالمضاربة جائزة ، والربح بين رب المال والابن نصفان ; لأنه ممن يملك التصرف عند الإذن له في التجارة ، والأب نائب عنه فيما هو من عقود التجارة ، وفيما هو [ ص: 125 ] من عقود التجارة عليه ، وأخذ المال له المضاربة بتلك الصفة ، فمباشرة الأب له كمباشرته بنفسه أن لو كان بالغا .

وكذلك لو عمل به الأب للابن بأمره ; ولأنه استعان بالأب في إقامة ما التزم من العمل بعقد المضاربة .

ولو استعان بأجنبي آخر كان عمل الأجنبي له بأمره كعمله بنفسه ، فكذلك إذا استعان فيه نائبه وإن كان الابن لم يأمره بالعمل ; فهو ضامن للمال ; لأن رب المال إنما رضي بتصرف الصبي لا بتصرف أبيه فيكون الأب في التصرف فيه كأجنبي آخر ، بخلاف مال الصبي فله ولاية التصرف فيه شرعا لكونه قائما مقام الصبي ، وإن ثبت أنه في هذا التصرف كأجنبي آخر كان غاصبا ضامنا للمال ، والربح له يتصدق به ; لأنه استفاده بكسب خبيث ، والوصي في جميع ذلك بمنزلة الأب ; لأنه بعد موته قائم مقامه فيما يرجع إلى النظر للصغير في ماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية