الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا دفع رب المال ماله مضاربة على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينه وبين المضارب نصفان ، وقال له : اعمل فيه برأيك فدفعه الثاني إلى الثالث مضاربة بالثلث فعمل به وربح فيه فللثالث ثلث الربح ; لأن ما أوجبه الثاني له ينصرف إلى نصيبه خاصة وللثاني سدس الربح ; لأن هذا القدر هو الباقي من نصيبه ، فلرب المال نصف الربح ، ولا شيء للمضارب الأول ; لأنه أوجب للثاني جميع نصيبه حين شرط له النصف .

ولو كان المضارب الأول دفعه إلى الثاني وشرط عليه أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بيننا نصفان ، وقال له : اعمل فيه برأيك فدفعه الثاني إلى ثالث مضاربة بالثلث فللمضارب الآخر ثلث الربح كله ، وسدس الربح بين المضارب الثاني والأول نصفان ، ونصف الربح لرب المال ; لأن رب المال شرط لنفسه جميع الربح ، والأول إنما شرط للثاني نصف ما رزق الله ، وذلك سدس الربح فكان بينهما نصفين ، ولو كان رب المال قال للأول : ما رزق الله من شيء والمسألة بحالها فالمضارب الآخر يأخذ ثلث الربح ، ويقاسم المضارب الثاني المضارب الأول الثلثين نصفين ; لأن الأول إنما أوجب للثاني نصف ما رزقه الله تعالى ، والذي رزقه الله تعالى ما وراء نصيب الثالث ، فكان ذلك بينهما نصفين ويقاسم رب المال المضارب الأول ثلث الربح الذي وصل إليه نصفين ; لأن رب المال إنما شرط لنفسه نصف ما رزق المضارب الأول ، والذي رزق الأول هذا الثلث فكان بينهما نصفين والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية