( ) ولو لنحو جنب ( تعميم بدنه ) بالماء لأنه الفرض في الحي فالميت أولى وبه يعلم وجوب غسل ما يظهر من فرج الثيب عند جلوسها على قدميها نظير ما مر في الحي فقول بعضهم إنهم أغفلوا ذلك ليس في محله ( بعد إزالة النجس ) عنه إن كان ندبا إذ يكفي لهما غسله واحدة إن زالت عينه بها بلا تغير كالحي والفرق بأن هذا خاتمة أمره فليحتط له أكثر يرده تصريحهم الآتي بأنه لو وأقل الغسل لم يجب غسل ولا وضوء بخلاف الحي فاغتفروا فيه ما لم يغتفروه في الحي ولم يحتج للاستدراك هنا للعلم به [ ص: 99 ] مما قدمه في الطهارة أنه يكفي لهما غسلة واحدة خلافا خرج بعد الغسل نجس من الفرج أو أولج فيه للرافعي
فإن قلت يؤيد كون الاحتياط له أكثر أنه لو قدم الميت قطعا وما يأتي أنه يكفن في الأثواب الثلاثة وإن لم يرض الورثة اجتمع مع حي وكل ببدنه نجس والماء لا يكفي إلا أحدهما قلت ممنوع أما الأول فلأن الحي يمكنه إزالة خبثه بعد بخلاف الميت فقدم لذلك وأما الثاني فلأن الثلاثة حقه فلم يملك الورثة إسقاطها ( ولا تجب ) لصحة الغسل ( في الأصح فيكفي غرقه أو غسل كافر ) له لحصول المقصود من غسله وهو النظافة وإن لم ينو وينبغي ندب نية الغاسل خروجا من الخلاف وكيفيتها أن ينوي نحو أداء الغسل عنه أو استباحة الصلاة عليه ( نية الغسل قلت الأصح المنصوص وجوب والله أعلم ) لأنا مأمورون بغسله فلا يسقط عنا إلا بفعلنا والكافر من جملة المكلفين ومن ثم لو شوهدت الملائكة تغسله لم يكف لأنهم ليسوا من جملة المكلفين أي بالفروع فلا ينافي قول جمع أنهم مكلفون بالإيمان به صلى الله عليه وسلم بناء على أنه مرسل إليهم على المختار وإنما كفى ذلك في الدفن لحصول المقصود منه وهو الستر أي مع كونه ليس صورة عبادة بخلاف الغسل فلا يقال المقصود منه النظافة أيضا بدليل عدم وجوب نيته ويتردد النظر في الجن لأنهم من المكلفين بشرعنا في الجملة إجماعا ضروريا ثم رأيت ما سأذكره أول محرمات النكاح أنه لا يسقط بفعلهم ويكفي غسل المميز لأنه من جملتنا كالفاسق كما يأتي ( والأكمل وضعه بموضع خال ) [ ص: 100 ] عن غير الغاسل ومعينه ( مستور ) بأن يكون مسقفا نص عليه في الأم وإن خالف فيه جمع ، ليس فيه نحو كوة يطلع عليه منه لأن الحي يحرص على ذلك ولأنه قد يكون ببدنه ما يكره الاطلاع عليه ، نعم لوليه الدخول عليه وإن لم يكن غاسلا ولا معينا لحرصه على مصلحته كما فعل غسل الغريق فإن ابنه العباس وابن أخيه الفضل عليا كانا يغسلانه صلى الله عليه وسلم يناول الماء وأسامة يدخل عليهم ويخرج . والعباس
ويؤخذ منه أن الولي أقرب الورثة لكن بشرط أن توجد فيه الشروط الآتية في الغاسل فيما يظهر وأن يكون ( على ) نحو ( لوح ) مرتفع لئلا يصيبه رشاش ورأسه أعلى لينحدر الماء عنه ( و ) الأكمل أنه وسخيف لما صح أنهم لما أخذوا في غسله صلى الله عليه وسلم ناداهم مناد من داخل البيت لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه ، وادعاء الخصوصية يحتاج لدليل لأنه خلاف الأصل ولأنه أستر ثم إن اتسع كمه وإلا فتق دخاريصه [ ص: 101 ] فإن فقد وجب ستر عورته وأن يكون ( بماء ) مالح و ( بارد ) لأنه يشد البدن ، والسخن يرخيه نعم إن احتيج له لنحو شدة برد أو وسخ فلا بأس وينبغي إبعاد إناء الماء عن رشاشه كما بأصله وأن يجتنب ماء زمزم للخلاف في نجاسة الميت ولم يراع نظيره في إدخاله المسجد لأن مانعه مخالف للسنة الصحيحة كما يعلم مما يأتي ( ويجلسه ) الغاسل برفق ( على المغتسل ) المرتفع ( مائلا إلى ورائه ) إجلاسا رقيقا لأن اعتداله قد يحبس ما يخرج منه ( ويضع يمينه على كتفه وإبهامه في نقرة قفاه ) وهو مؤخر عنقه لئلا يتمايل رأسه ( ويسند ظهره إلى ركبته اليمنى ) لئلا يسقط ( ( يغسل في قميص ) بال ) أي مكررا المرة بعد المرة مع نوع تحامل لا مع شدته لأن احترام الميت واجب قاله ويمر يساره على بطنه إمرارا بليغا الماوردي ( ليخرج ما فيه ) من الفضلات خشية من خروجه بعد الغسل ولتكن المجمرة فائحة الطيب من أول وضعه بل من حين موته إلى انتهائه وليعتن المعين بكثرة صب الماء إذهابا لعين الخارج وريحه ما أمكن ( ثم ) قبله ودبره وما حوله كما يستنجي الحي والأولى خرقة لكل سوأة على ما قاله يضجعه لقفاه ويغسل بيساره وعليها خرقة سوأتيه الإمام والغزالي ورد بأن المباعدة عن هذا المحل أولى ولف الخرقة واجب لحرمة مس شيء من عورته بلا حائل حتى بالنسبة لأحد الزوجين [ ص: 102 ] بخلاف نظر أحدهما وسيد بلا شهوة ولو للعورة لأنه أخف ( ثم ) يلقي تلك ويغسل ما أصاب يده بماء ونحو أشنان و ( يلف ) خرقة ( أخرى ) بيساره أيضا ويغسل ما بقي على بدنه من قذر ظاهر أو نجس ويجب لفها في العورة كما عرف فعلم أنه يسن كما في المجموع عن والأصحاب أنه يعد خرقتين نظيفتين واحدة للسوأتين وأخرى لبقية البدن ثم يلف خرقة نظيفة على أصبعه ( ويدخل أصبعه ) تلك والأولى أن تكون اليسرى خلافا الشافعي للقمولي كبعض نسخ المحرر ( فمه ويمرها على أسنانه ) بشيء من الماء كسواك الحي ولا يفتح أسنانه لئلا يدخل الماء جوفه فيفسده قيل يؤخذ من هذا أن الحي يستاك باليسرى ا هـ .
وليس كذلك لوضوح الفرق فإن الأصبع هنا مباشرة للأذى من وراء الخرقة ولا كذلك ثم نعم قياسه أنا لو قلنا بحصول السواك بالأصبع أو أراد لف خرقة على أصبع للاستياك بها والأذى ينفذ منها لها سن كونه باليسرى ( ويزيل ) بأصبعه اليسرى أيضا وعليها الخرقة والأولى الخنصر ( ما في منخريه ) بفتح أوله وثالثه وكسرهما وضمهما وبفتح ثم كسر وهي أشهر ( من الأذى ) مع شيء من الماء ( و ) بعد ذلك كله [ ص: 103 ] ويتعهد كل ما ببدنه من أذى بمضمضة واستنشاق وغيرهما ويميل فيهما رأسه لئلا يدخل الماء جوفه ومن ثم لم يندب فيهما مبالغة ( كالحي ثم يغسل رأسه ثم لحيته بسدر ونحوه ) كالخطمي والسدر أولى ( يوضئه ) وضوءا كاملا
( ويسرحهما ) أي شعورهما إن تلبدت كما اقتضاه كلام المجموع لإزالة ما في أصولهما كما في الحي وإذا أراد التسريح فالأولى أن يقدم الرأس كما بحث وأن يكون ( بمشط ) بضم أو كسر فسكون وبضمهما ( واسع الأسنان برفق ) ليقل الانتتاف أو ينعدم إكراما له ولا ينافي هذا ما يأتي أن نحو الشعر يصلى عليه ويغسل ويستر ويدفن وجوبا في الكل لأن ما هنا من حيث كونه معه وذاك من حيث ذاته ( ويغسل ) بعد ذلك كله ( شقه الأيمن ثم الأيسر ) المقبلين من عنقه لقدمه [ ص: 104 ] ( ثم يحرفه ) بالتشديد ( إلى شقه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي القفا والظهر إلى القدم ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك ) لأمره صلى الله عليه وسلم بالبداءة بالميامن وقدم الشقان اللذان يليان الوجه لشرفهما ولو ( ويرد ) ندبا ( المنتتف ) أي الساقط منهما وكذا من شعر غيرهما ( إليه ) في كفنه ليدفن معه حصل أصل السنة ويحرم كبه على وجهه ( فهذه ) الأفعال كلها - بلا نظر لنحو السدر إذ لا دخل له في الغسل كما هو واضح فلا يرد عليه - ( غسلة وتستحب ) غسلة ( ثانية و ) غسلة ( ثالثة ) كذلك غسل شقه الأيمن من مقدمه ثم من ظهره ثم الأيسر من مقدمه ثم من ظهره
( و ) يستحب في كل من هذه الثلاث ثلاث غسلات وذلك أنه بكسر الخاء في الأفصح لإزالة الوسخ ثم يزيل ذلك بغسلة ثانية ( ثم ) بعد هاتين الغسلتين في كل غسلة من الثلاث ( يصب ماء قراح ) بفتح القاف أي خالص ( من فرقه ) بفاء ثم قاف كما في نسخ وبقاف ثم نون كما في أخرى وعبر في الروضة بالثاني وهو جانب الرأس وفسر الفرق في القاموس بالطريق في شعر الرأس وظاهر أن المراد من العبارتين واحد وهو الصب من أول جانب الرأس المستلزم لدخول شيء من الفرق إذ المراد بتلك الطريق المحل الأبيض في وسط الرأس المنحدر عنه الشعر في كل من الجانبين ( إلى قدمه بعد زوال السدر ) فعلم أن مجموع ما يأتي به تسع غسلات لكنه مخير في القراح بين أن يفرقه بأن يجعله عقب ثنتي السدر في كل غسلة وأن يواليه بأن يغسل الست التي بالسدر ثم يوالي الثلاث القراح ، المحصل أولاها للفرض وثانيها وثالثها لسنة التثليث وهل السنة في صب القراح أن يجلس ثم يصب عليه جميعه أو يفعل فيه ما مر في غسلة [ ص: 105 ] السدر من التيامن والتياسر والتحريف السابق لم أر في ذلك تصريحا يستحب ( أن يستعان في ) الغسلة ( الأولى ) من كل من الثلاث ( بسدر أو خطمي )
ولو قيل : تحصل السنة بكل والأخيرة أولى لاتجه فإن لم يحصل الإنقاء بالثلاثة المذكورة زاد ويسن وتران حصل بشفع وإن حصل بهن لم يزد عليهن كما اقتضاه كلامهما وقال الماوردي هي أدنى الكمال وأكمل منها خمس فسبع والزيادة إسراف ا هـ .
ولا يسقط الفرض بغسلة تغير ماؤها بالسدر تغيرا كثيرا لأنه يسلبه الطهورية كما مر سواء المخالطة له وهي الأولى والمزيلة له وهي الثانية من كل من الثلاث وبما قررت به المتن يعلم أنه لا اعتراض عليه وقولي من كل من الثلاث هو ما اعتمده جمع وصرح به خبر أم عطية فاقتصار المتن والروضة كالأصحاب على الأولى إن لم يحمل [ ص: 106 ] على ما ذكرته يحمل على أنه لبيان أقل الكمال واقتضاء المتن استواء السدر والخطمي ينازعه قول الماوردي السدر أولى للنص عليه ولأنه أمسك للبدن إلا أن يحمل على الاستواء في أصل الفضيلة قيل وإفهام الروضة الجمع بينهما غريب واستحب المزني ( وأن يجعل في كل غسلة ) من الثلاث التي بالماء الصرف في غير المحرم ( قليل كافور ) مخالط بحيث لا يغيره تغيرا ضارا ، أو كثيرا مجاورا لما مر أنه نوعان وذلك لأنه يقوي البدن وينفر الهوام والأخيرة آكد ويكره تركه ويلين مفاصله بعد الغسل كأثنائه ثم ينشفه تنشيفا بليغا لئلا يبتل كفنه فيسرع تغيره . ويأتي بعد وضوئه وغسله بذكر الوضوء بعده وكذا على الأعضاء على ما مر ويسن " اجعله من التوابين أو اجعلني وإياه " . إعادة الوضوء مع كل غسلة