[ ص: 420 ] ( ويسن تعجيل الفطر ) ؛ إذ تيقن الغروب وتقديمه على الصلاة للخبر الصحيح { لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر } ويسن كونه وإن تأخر كما أفادته عبارة أصله ( على تمر ) [ ص: 421 ] وأفضل منه رطب وجد لما صح { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم يكن فعلى تمرات فإن لم يكن حسا حسوات من ماء } .
وقضيته عدم حصول السنة بالبسر وإن تم صلاحه وبالأولى ما لم يتم صلاحه ، ولو قيل بالإلحاق في الأول لم يبعد ( وإلا ) تيسر له أحدهما أي : حال إرادة الفطر فلو تعارض التعجيل على الماء والتأخير على التمر قدم الأول فيما يظهر ؛ لأن مصلحة التعجيل فيها حصة تعود على الناس أشير إليها في لا يزال الناس إلى آخره ، ولا كذلك التمر وفي خبر سنده حسن { أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا } ( فماء ) للخبر الصحيح { إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر } زاد الشافعي في روايته { فإنه بركة فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإنه طهور } وأخذ منه ابن المنذر وغيره وجوب الفطر على التمر ، والتثليث الذي أفاده المتن في التمر والخبر في الكل شرط لكمال السنة لا لأصلها كالترتيب المذكور فيحصل أصلها بأي شيء وجد من الثلاثة فيما يظهر ، ويظهر أيضا في تمر قويت شبهته وماء خفت أو عدمت شبهته إن الماء أفضل لكن قد يعارضه حكم المجموع بشذوذ قول القاضي الأولى في زماننا الفطر على ماء يأخذه بكفه من النهر ليكون أبعد عن الشبهة ا هـ إلا أن يجاب بأن سبب شذوذ ما بينه غيره أن ماء النهر كالدجلة ليس أبعد عن الشبهة ؛ لأن كثيرين من البلاد التي على حافتها يحفرون حفرا لصيد السمك فتمتلئ ماء ثم يسدون عليه فإذا أخذوا السمك منه فتحوا السد فتختلط ماؤهم المملوك بغيره [ ص: 422 ] وهذه شبهة قوية فيه أي ولا ينافيه قولهم الآتي في الإحياء أنه لا يصير شريكا بعوده للنهر اتفاقا ؛ لأنا نسلم ذلك ومع ذلك نقول : إنه باق على ملكه وهو ملحظ الشبهة وبفرض أن الشذوذ من غير ذلك الوجه فلعله من حيث إيهامه تقديم الماء مطلقا .
وصريح كلامهم كالخبرين ندب التمر قبل الماء حتى بمكة وقول المحب الطبري يسن له الفطر على ماء زمزم ولو جمع بينه وبين التمر فحسن مردود بأن أوله فيه مخالفة للنص المذكور وآخره فيه استدراك زيادة على السنة الواردة وهما ممتنعان إلا بدليل ويرد أيضا بأنه صلى الله عليه وسلم { صام بمكة عام الفتح أياما من رمضان } ولم ينقل عنه في ذلك ما يخالف عادته المستقرة من تقديم التمر فدل على عمله بها حينئذ وإلا لنقل وحكمته أنه لم تمسه نار مع إزالته لضعف البصر ، الحاصل من الصوم لإخراجه فضلات المعدة إن كانت وإلا فتغذيته للأعضاء الرئيسة وقول الأطباء إنه يضعفه أي : عند المداومة عليه والشيء قد ينفع قليله ويضر كثيره وصريحهما أيضا أنه لا شيء بعد التمر غير الماء .
فقول الروياني إن فقد التمر فحلو آخر ضعيف والأذرعي الزبيب أخو التمر وإنما ذكره لتيسره غالبا بالمدينة .


