وممن توفي في هذه السنة من الأعيان :
إبراهيم بن الأشتر
واسم الأشتر مالك بن الحارث النخعي ، كان أبوه الأشتر من كبار أمراء علي ، واستعمله علي على خراسان وهو ممن قام على عثمان وقتله ، وكان إبراهيم هذا من الأمراء المعروفين بالشجاعة وله شرف ، وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد كما ذكرنا ، ثم صار إلى مصعب بن الزبير ، وقتل معه هذه السنة كما ذكرنا .
عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي
عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي
له صحبة ورواية ، واستعمله علي على خراسان ، وسكن الكوفة ووليها مرة . توفي بالكوفة .
عبد الرحمن بن عسيلة أبو عبد الله المرادي الصنابحي
عبد الرحمن بن عسيلة أبو عبد الله المرادي الصنابحي
كان من الصلحاء ، وكان عبد الملك يجلسه معه على السرير ، وكان عالما فاضلا توفي بدمشق .
عمر بن أبي سلمة المخزومي المدني
عمر بن أبي سلمة المخزومي المدني
ربيب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولد بأرض الحبشة ، وكان عند أمه ; أم سلمة . وله روايات عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم .
سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
، أبو عبد الرحمن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان عبدا لأم سلمة فأعتقته وشرطت عليه أن يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أنا لا أزال أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو لم تعتقيني ما عشت . وقد كان سفينة بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم أليفا ، وبهم خليطا ، وروى الطبراني أن سفينة سئل عن اسمه لم سمي سفينة ؟ قال : سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة ، خرج مرة ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ابسط كساءك فبسطته فجعل فيه متاعهم ثم قال لي : احمل ، ما أنت إلا سفينة . قال : فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو خمسة أو ستة ما ثقل علي .
وروى محمد بن المنكدر ، عن سفينة قال : ركبت مرة سفينة في البحر ، فانكسرت بنا فركبت لوحا منها فطرحني البحر إلى غيضة فيها الأسد ، فجاءني فقلت : يا أبا الحارث ، أنا سفينة ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطأطأ رأسه ، وجعل يدفعني بجنبه أو بكفه ، حتى وضعني على الطريق ، ثم همهم همهمة فظننت أنه يودعني .
وقال حماد بن سلمة ، ثنا سعيد بن جمهان ، عن سفينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيت فاطمة فرأى في ناحية البيت قراما مضروبا ، فرجع ولم يدخل ، فقالت فاطمة لعلي : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي رده ؟ فسأله فقال : ليس لي ولا لنبي أن يدخل بيتا مزوقا
عمرو بن أخطب أبو زيد الأنصاري الأعرج
عمرو بن أخطب أبو زيد الأنصاري الأعرج
غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة غزوة ، ومسح رأسه وقال : اللهم جمله ، فبلغ مائة سنة ولم يبيض شعره . توفي بالبصرة .
غضيف بن الحارث بن زنيم السكوني
غضيف بن الحارث بن زنيم السكوني
مختلف في صحبته ، له روايات عن الصحابة ، قيل : هو من تابعي أهل الشام ، سكن حمص ، وكان يتولى صلاة الجمعة نيابة عن خالد بن يزيد ، وكان من الصالحين .
يزيد بن الأسود الجرشي السكوني
يزيد بن الأسود الجرشي السكوني
كان عابدا زاهدا صالحا ، سكن الشام بقرية زبدين ، وقيل : بقرية جسرين ، وكانت له دار داخل باب شرقي ، وهو مختلف في صحبته ، وله روايات عن الصحابة ، وكان أهل الشام يستسقون به إذا قحطوا ، وقد استسقى به معاوية ، والضحاك بن قيس ، وكان يجلسه معه على المنبر ، فإذا اجتمع الناس قال معاوية : " قم يزيد ، اللهم إنا نتوسل إليك بخيارنا وصلحائنا " ، فيستسقي الله فيسقون . وكان يصلي الصلوات في الجامع بدمشق ، وكان إذا خرج من القرية يريد الصلاة بالجامع في الليلة المظلمة يضيء له إبهام قدمه - وقيل : أصابع رجليه كلها - حتى يدخل الجامع ، فإذا رجع أضاءت له حتى يدخل القرية ، وذكروا أنه لم يدع شجرة في قرية زبدين إلا صلى عندها ركعتين ، وكان يمشي في ضوء إبهامه في الليلة المظلمة ذاهبا إلى صلاة العشاء بالجامع بدمشق ، وآيبا إلى قريته ، وكان يشهد الصلوات بالجامع بدمشق لا تفوته به صلاة .
مات بقرية زبدين أو جسرين من غوطة دمشق رحمه الله .
عمرو بن الأسود ، أبو عياض ، العنسي الحمصي ، من كبار علماء التابعين بالشام ، صاحب زهد وعبادة واجتهاد ، قليل التشيع ، توفي بحمص . حيان بن علي الكوفي
. حيان بن علي الكوفي ، أبو علي أخو مندل
حدث عن الأعمش ، وسهيل بن أبي صالح ، روى عنه حجر بن المثنى وخلف بن هشام ، وكان صالحا دينا فقيها .
قال يحيى: هو صدوق ، وفي رواية عنه يضعفه .
توفي في هذه السنة . وقيل: في السنة التي تليها .
سعيد بن السائب الطائفي
. سعيد بن السائب الطائفي
روى [عنه] سفيان ووكيع .
عن سفيان قال: كان سعيد بن السائب الطائفي لا يكاد تجف له دمعة ، إنما دموعه جارية دهره ، إن صلى فهو يبكي ، وإن جلس فهو يقرأ في المصحف فهو يبكي . قال سفيان: فحدثوني أن رجلا عاتبه على ذلك فبكى ، ثم قال: إنما ينبغي أن تعذلني وتعاتبني على التقصير والتفريط ، وأنهما قد استوليا علي .
عن محمد بن يزيد بن حسن قال: سمعت الثوري يقول: جلست ذات يوم أحدث ومعنا سعيد بن السائب الطائفي ، فجعل سعيد يبكي حتى رحمته ، فقلت: يا سعيد ، ما يبكيك وأنت تسمعني أذكر أهل الخير وفعالهم ، قال: يا سفيان ، وما يمنعني من البكاء ، وإذا ذكرت مناقب
أهل الخير كنت منهم بمعزل ، قال: يقول سفيان: وحق له أن يبكي .
توفي عبد الله في هذه السنة .
عمر بن ميمون بن الرماح
. عمر بن ميمون بن الرماح ، أبو علي
قاضي بلخ ، تولى القضاء بها أكثر من عشرين سنة ، وكان محمودا في ولايته ، مذكورا بالعلم والحلم والصلاح والفهم ، حدث عن سهيل بن أبي صالح ، والضحاك ، روى عنه: سريج بن النعمان ، وكان ثقة ، وعمي في آخر عمره ، وتوفي ببلخ في رمضان هذه السنة .
عيسى بن يزيد بن بكر بن داب
. عيسى بن يزيد بن بكر بن داب ، أبو الوليد
أحد بني الليث بن بكر المديني ، قدم بغداد وأقام بها ، وحدث عن صالح بن كيسان ، وهشام بن عروة ، وكان راوية عن العرب ، وافر الأدب ، عالما بالنسب ، حافظا للسير ، عارفا بأيام الناس ، إلا أنهم قدحوا فيه ، فقالوا: يزيد في الأحاديث ما ليس فيها ، ونسبه خلف الأحمر إلى الكذب ، ووضع الحديث .
قال: أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: لم يتول الخلافة قبل الهادي بسنه أحد ، لأنه كان حدثا وكان يحب الأدب وأهله ويعطي عليه .
وكان عيسى بن داب يجالسه ، وكان أكثر أهل الحجاز أدبا ، وأعذبهم ألفاظا ، وكان قد حظي عند الهادي ، وكان يقول له: ما استطلت بك يوما ولا ليلة قط ، ولا غبت عن عيني إلا تمنيت ألا أرى غيرك . وأمر له بثلاثين ألف دينار ، فلما أصبح ابن داب ، وجه قهرمانه فطالب بالمال ، فلقي الحاجب فأبلغه رسالته [فأعلمه] أن ذلك ليس إليه ، وأنه يحتاج إلى توقيع ، فأمسك ابن داب ، فبينا الهادي في مستشرف له نظر إلى ابن داب قد أقبل وليس معه غلام ، فقال لإبراهيم الحداني: أما ترى ابن داب ، ما غير حاله؟ ولا تزيى لنا ، وقد برزناه بالأمس لنرى أثرنا عليه ، فقال له إبراهيم: إن أمرني أمير المؤمنين عرضت له بشيء من هذا ، قال: لا هو أعلم بأمره . ودخل ابن داب ، فأخذ في حديثه إلى أن عرض له الهادي شيئا من أمره ، فقال: أرى ثوبك غسيلا ، وهذا شتاء يحتاج إلى لبس الجديد واللين ، فقال: يا أمير المؤمنين باعي قصير عما أحتاج إليه ، فقال:
كيف ذاك وقد صرفنا إليك من برنا ما فيه صلاح شأنك؟ قال: ما وصل إلي ، فدعا بصاحب بيت مال الخاصة ، فقال: عجل الساعة له بثلاثين ألف دينار ، فحملت بين يديه .
المفضل بن محمد بن يعلى الضبي
. المفضل بن محمد بن يعلى الضبي
سمع سماك بن حرب ، وأبا إسحاق السبيعي ، والأعمش وغيرهم .
وروى القراءات عن عاصم بن أبي النجود ، روى عنه: الكسائي ، والفراء ، وغيرهما ، وكان راوية للآداب وأيام الأعراب ، علامة موثقا في روايته .
قال علي بن محمد بن السري : قال لنا جحظة: قال الرشيد للمفضل الضبي: ما أحسن ما قيل في الذئب ولك هذا الخاتم الذي في يدي وشراؤه ألف وستمائة دينار؟ فقال: قول الشاعر:
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
فقال: ما ألقي هذا على لسانك إلا لذهاب الخاتم . ورماه إليه ، فاشترته أم جعفر بألف وستمائة دينار وبعثت به إليه ، وقالت: قد كنت أراك تعجب به فالتقطه الضبي وقال: خذه وخذ الدنانير ، فما كنا نهب شيئا فنرجع فيه .أبو عبد الله الحربي الزاهد
. أبو عبد الله الحربي الزاهد
قال إبراهيم بن شبيب بن شيبة قال: كنا نتجالس في الجمعة فأتى رجل عليه ثوب واحد ملتحف به ، فجلس إلينا ، فألقى مسألة ، فما زلنا نتكلم في الفقه حتى انصرفنا ، ثم جاءنا في الجمعة المقبلة ، فأجبناه وسألناه عن منزله ، قال: أنزل الخريبة ، فسألنا عن كنيته ، فقال أبو عبد الله: فرغبنا في مجالسته ورأينا مجلسنا مجلس فقه ، فمكثنا بذلك زمانا ، ثم انقطع عنا ، فقال بعضنا لبعض ، ما حالنا وقد كان مجلسنا عامرا بأبي عبد الله ، وقد صار يوحشنا فوعد بعضنا بعضا إذا أصبحنا أن نأتي الخريبة فنسأل عنه ، فأتيناه الخريبة وكنا عددا ، فجعلنا نستحي أن نسأل عن أبي عبد الله ، فنظرنا إلى صبيان قد انصرفوا من الكتاب فقلنا: أبو عبد الله ، فقالوا:
لعلهم يعنون الصياد ، قلنا: نعم ، قالوا: هذا وقته الآن يجيء ، فقعدنا ننتظره ، فإذا هو قد أقبل مؤتزرا بخرقة ، على كتفه خرقة ومعه أطيار مذبحة وأطيار أحياء ، فلما رآنا تبسم إلينا وقال: ما جاء بكم؟ فقلنا: فقدناك ، وقد كنت عمرت مجلسنا ، فما غيبك عنا؟ قال:
أصدقكم ، كان لنا جار كنت أستعير منه كل يوم ذلك الثوب الذي كنت آتيكم فيه ، وكان غريبا ، فخرج إلى وطنه ، فلم يكن لي ثوب آتيكم فيه ، هل لكم أن تدخلوا المنزل فتأكلوا مما رزق الله عز وجل؟ فقال بعضنا لبعض: ادخلوا منزله ، فجاء إلى الباب فسلم ثم صلى قليلا ثم دخل ، فأذن لنا فدخلنا ، فإذا هو قد أتى بقطع من البواري فبسطها لنا فقعدنا ، فدخل إلى المرأة ، فسلم إليها الأطيار المذبحة ، وأخذ الأطيار الأحياء ثم قال:
أنا آتيكم إن شاء الله عن قريب ، فأتى السوق فباعها واشترى لنا خبزا ، فجاء وقد صنعت المرأة ذلك الطير وهيئته ، فقدم إلينا خبزا ولحم الطير ، فأكلنا ، فجعل يقوم فيأتينا بالملح والماء ، فكلما قام قال بعضنا لبعض: رأيتم مثل هذا؟ ألا تغيرون وأنتم سادة أهل البصرة؟! فقال أحدهم: علي خمسمائة ، وقال الآخر: علي ثلاثمائة ، وقال هذا وقال هذا ، ضمن بعضهم أن يأخذ له من غيره ، فبلغ الذي جمع له في الحساب خمسة آلاف درهم ، فقالوا: قوموا بنا نذهب فنأتيه بهذا المال ونسأله أن يغير ما هو فيه ، فقمنا فانصرفنا على حالنا ركبانا ، فمررنا بالمربد ، وإذا بمحمد بن سليمان أمير البصرة قاعد في منظرة له ، فقال: يا غلام ، آتيني بإبراهيم بن شبيب بن شيبة من بين القوم ، فجئت فدخلت عليه ، فسألني عن قصتنا ومن أين أقبلنا ، فصدقته الحديث ، فقال: أنا أسبقكم إلى بره ، يا غلام ، آتيني ببدرة دراهم ، فجاء فقال: احمل هذه البدرة مع هذا الرجل حتى يدفعها إلى من أمرناه ، ففرحت ، ثم قمت مسرعا ، فلما أتيت الباب سلمت فأجابني أبو عبد الله ، ثم خرج إلي ، فلما رأى الفراش والبدرة على عنقه كأني سفيت في وجهه الرماد ، فأقبل علي بغير الوجه الأول وقال: ما لي ولك ، تريد أن تفتنني؟ فقلت: يا أبا عبد الله اقعد حتى أخبرك ، إنه من القصة كذا وكذا ، وهو الذي تعلم أحد الجبارين - يعني محمد بن سليمان - ولو كان أمرني أن أضعها حيث أرى لرجعت إليه فأخبرته إني قد وضعتها ، فالله الله في نفسك ، فازداد علي غيظا ، وقام فدخل منزله وصفق الباب في وجهي فجعلت أقدم وأؤخر ، ما أدري ما أقول للأمير ، ثم لم أجد بدا من الصدق ، فجئت فأخبرته الخبر فقال: حروري والله يا غلام ، علي بالسيف ، فجاء بالسيف فقال:
خذ بيد هذا حتى يذهب بك إلى هذا الرجل ، فإذا خرج إليك فاضرب عنقه وآتيني برأسه ، قال إبراهيم: فقلت: أصلح الله الأمير ، الله الله ، فوالله لقد رأينا رجلا ما هو من الخوارج ، ولكني أذهب فآتيك به ، وما أريد بذلك إلا افتداء منه ، قال: فضمنيه ، فمضيت حتى أتيت الباب فسلمت ، فإذا المرأة تحن وتبكي ، ثم فتحت الباب وتوارت وأذنت فدخلت ، فقالت: ما شأنكم وشأن أبي عبد الله؟ قلت: وما حاله؟ قالت: دخل فمال إلى الركي فنزع منها ماء فتوضأ ثم صلى ثم سمعته يقول: اللهم اقبضني إليك ولا تفتني . ثم تمدد وهو يقول ذلك ، فلحقته وقد قضى ، فهو ذاك ميت ، فقلت: يا هذه ، إن لنا قصة عجيبة ، فلا تحدثوا فيه شيئا ، فجئت محمد بن سليمان فأخبرته الخبر ، فقال:
أنا أركب فأصلي على هذا ، قال: وشاع خبره بالبصرة ، فشهده الأمير وعامة أهل البصرة ، رحمه الله .