كثير بن الصلت بن معدي كرب الكندي
وفيها توفي من الأعيان :
كثير بن الصلت بن معدي كرب الكندي
كان كبيرا مطاعا في قومه ، وله بالمدينة دار كبيرة بالمصلى ، وقيل : إنه كان كاتب عبد الملك على الرسائل ، توفي بالشام .
محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله
محمد بن موسى بن طلحة بن عبيد الله
كانت أخته تحت عبد الملك ، وولاه سجستان ، فلما سار إليها قيل له : إن شبيبا في طريقك ، وقد أعيا الناس ، فاعدل إليه لعلك أن تقتله ، فيكون ذكر ذلك وشهرته لك إلى الأبد . فلما سار لقيه شبيب فاقتتل معه ، فقتله شبيب ، وقيل غير ذلك ، والله أعلم .
عياض بن عمرو الأشعري
عياض بن عمرو الأشعري
شهد اليرموك ، وحدث عن جماعة من الصحابة وغيرهم ، توفي بالبصرة ، رحمه الله .
مطرف بن المغيرة بن شعبة
مطرف بن المغيرة بن شعبة
وقد كانوا إخوة ; عروة ، و مطرف ، و حمزة ، وقد كانوا يميلون إلى بني أمية ، فاستعملهم الحجاج على أقاليم ، فاستعمل عروة على الكوفة ، و مطرفا على المدائن ، ، و حمزة على همدان . قتل بكير بن وساج
في هذه السنة قتل أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بكير بن وساج .
وكان سبب ذلك أن أمية بن عبد الله ، وهو عامل عبد الملك بن مروان على خراسان ، أمر بكيرا بالتجهيز لغزو ما وراء النهر ، وقد كان قبل ذلك ولاه طخارستان ، فتجهز له ، فوشى به بحير بن ورقاء إلى أمية ، فمنعه عنها ، فلما أمره بغزو ما وراء النهر تجهز وأنفق نفقة كثيرة وادان فيها ، فقال بحير لأمية : إن صار بينك وبينه النهر خلع الخليفة . فأرسل إليه أمية : أن أقم لعلي أغزو فتكون معي . فغضب بكير وقال : كأنه يضارني . وكان عقاب ذو اللقوة الغداني استدان ليخرج مع بكير ، فأخذه غرماؤه فحبس حتى أدى عنه بكير .
ثم إن أمية تجهز للغزو إلى بخارى ، ثم يعود منها إلى موسى بن عبد الله بن خازم بترمذ ، وتجهز الناس معه وفيهم بكير ، وساروا ، فلما بلغوا النهر وأرادوا قطعه قال أمية لبكير : إني قد استخلفت ابني على خراسان ، وأخاف أنه لا يضبطها لأنه غلام حدث ، فارجع إلى مرو فاكفنيها ، فإني قد وليتكها ، فقم بأمر ابني .
فانتخب بكير فرسانا كان عرفهم ووثق بهم ورجع ، ومضى أمية إلى بخارى للغزاة . فقال عقاب ذو اللقوة لبكير : إنا طلبنا أميرا من قريش ، فجاءنا أمير يلعب بنا ويحولنا من سجن إلى سجن ، وإني أرى أن تحرق هذه السفن ، ونمضي إلى مرو ، ونخلع أمية ونقيم بمرو ونأكلها إلى يوم ما . ووافقه الأحنف بن عبد الله العنبري على هذا . قال بكير : أخاف أن يهلك هؤلاء الفرسان الذين معي . قال : إن هلك هؤلاء فأنا أتيك من أهل مرو بما شئت . قال : يهلك المسلمون . قال : إنما يكفيك أن ينادي مناد : من أسلم رفعنا عنه الخراج ، فيأتيك خمسون ألفا أسمع من هؤلاء وأطوع . قال : فيهلك أمية ومن معه . قال : ولم يهلكون ولهم عدد وعدة ونجدة وسلاح ظاهر ، ليقاتلوا عن أنفسهم حتى يبلغوا الصين ! فحرق بكير السفن ورجع إلى مرو ، فأخذ ابن أمية بحبسه وخلع أمية .
وبلغ أمية الخبر فصالح أهل بخارى على فدية قليلة ، ورجع وأمر باتخاذ السفن ، وعبر وذكر للناس إحسانه إلى بكير مرة بعد أخرى ، وأنه كافأه بالعصيان ، وسار إلى مرو ، وأتاه موسى بن عبد الله بن خازم ، وأرسل أمية شماس بن دثار في ثمانمائة ، فسار إليه بكير وبيته فهزمه ، وأمر أصحابه أن لا يقتلوا منهم أحدا ، فكانوا يأخذون سلاحهم ويطلقونهم ، وقدم أمية فتلقاه شماس ، فقدم أمية ثابت بن قطبة ، فلقيه بكير فأسر ثابتا وفرق جمعه ، ثم أطلقه ليد كانت لثابت عنده .
وأقبل أمية وقاتله بكير ، فانكشف يوما أصحابه ، فحماهم بكير ، ثم التقوا يوما آخر ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، ثم التقوا يوما آخر ، فضرب بكير ثابت بن قطبة على رأسه ، فحمل حريث بن قطبة أخو ثابت على بكير ، فانحاز بكير وانكشف أصحابه ، واتبع حريث بكيرا حتى بلغ القنطرة ، وناداه : إلى أين يا بكير ؟ فرجع ، فضربه حريث على رأسه ، فقطع المغفر ، وعض السيف رأسه فصرع ، واحتمله أصحابه فأدخلوه المدينة ، وكانوا يقاتلونهم .
فكان أصحاب بكير يغدون في الثياب المصبغة من أحمر وأصفر ، فيجلسون يتحدثون وينادي مناديهم : من رمى بسهم رمينا إليه برأس رجل من ولده وأهله . فلا يرميهم أحد .
وخاف بكير إن طال الحصار أن يخذله الناس ، فطلب الصلح ، وأحب ذلك أيضا أصحاب أمية ، فاصطلحوا على أن يقضي أمية عنه أربعمائة ألف ، ويصل أصحابه ، ويوليه أي كور خراسان شاء ، ولا يسمع قول بحير فيه ، وإن رابه ريب فهو آمن أربعين يوما .
ودخل أمية مدينة مرو ووفى لبكير وعاد إلى ما كان من إكرامه ، وأعطى أمية عقابا عشرين ألفا .
وقد قيل : إن بكيرا لم يصحب أمية إلى النهر ، كان أمية قد استخلفه على مرو ، فلما سار أمية وعبر النهر خلعه ، فجرى الأمر بينهما على ما ذكرناه .
وكان أمية سهلا لينا سخيا ، وكان مع ذلك ثقيلا على أهل خراسان ، وكان فيه زهو شديد ، وكان يقول : ما تكفيني خراسان لمطبخي .
وعزل أمية بحيرا عن شرطته ، وولاها عطاء بن أبي السائب . وطالب أمية الناس بالخراج واشتد عليهم ، وكان بكير يوما في المسجد وعنده الناس ، فذكروا شدة أمية وذموه ، وبحير وضرار بن حصين وعبد الله بن جارية بن قدامة في المسجد ، فنقل بحير ذلك إلى أمية ، فكذبه ، فادعى شهادة هؤلاء ، فشهد مزاحم بن أبي المجشر السلمي أنه كان يمزح فتركه أمية .
ثم إن بحيرا أتى أمية وقال له : والله إن بكيرا قد دعاني إلى خلعك ، وقال : لولا مكانك لقتلت هذا القرشي وأكلت خراسان ، فلم يصدقه أمية ، فاستشهد جماعة ذكر بكير أنهم أعداؤه ، فقبض أمية على بكير وعلى بدل وشمردل ابني أخيه ، ثم أمر أمية بعض رؤساء من معه بقتل بكير ، فامتنعوا ، فأمر بحيرا بقتله فقتله ، وقتل أمية ابني أخي بكير . وفاة شبيب بن يزيد الخارجي
وفي هذه السنة كانت وفاة شبيب بن يزيد الخارجي - كما قدمنا - وقد كان من الشجاعة والفروسية على جانب كبير ، لم أر بعد الصحابة مثله ، ومثل الأشتر وابنه إبراهيم ، ومصعب بن الزبير وأخيه عبد الله ، وممن يناط بهؤلاء في الشجاعة ; مثل قطري بن الفجاءة من الأزارقة الخوارج ، والله أعلم . عبيد بن عمير بن قتادة
: عبيد بن عمير بن قتادة ، أبو عاصم الليثي الواعظ
أسند عن أبي بن كعب ، وأبي ذر ، وأبي قتادة ، وابن عمر ، وابن عمرو ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، وعائشة .
وروى عنه من كبار التابعين: مجاهد ، وعطاء ، وأبو حازم .
وكان مجاهد يقول: كنا نفخر بفقيهنا وبقاضينا: فأما فقيهنا فابن عباس ، وأما قاضينا فعبيد بن عمير .
وعن عبيد بن عمير ، قال:
إن أهل القبور ليتلقون الموتى كما يتلقى الراكب ، يسألونه ، فإذا سألوه: ما فعل فلان؟ فمن كان قد مات يقول: ألم يأتكم؟ فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية .
وقال: صالح بن أحمد بن عبد الله بن مسلم العجلي ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثني عبد الله ، قال:
كانت امرأة جميلة بمكة ، وكان لها زوج ، فنظرت يوما إلى وجهها في المرآة ، فقالت لزوجها: أترى أحدا يرى هذا الوجه لا يفتتن به ، قال: نعم ، قالت: ومن؟ قال عبيد بن عمير قالت: فأذن لي فيه فلأفتننه ، قال: قد أذنت لك .
قال: فأتته كالمستفتية ، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام . قال: فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر ، فقال لها: استتري يا أمة الله ، قالت: إني قد فتنت بك فانظر في أمري ، قال: إني سائلك عن شيء ، فإن أنت صدقت نظرت في أمرك ، قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك . قال: أخبريني ، لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك كان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا . قال: صدقت ، فلو أدخلت قبرك فأجلست للمساءلة أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا ، قال: صدقت ، فلو أن الناس أعطوا كتبهم فلا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أو بشمالك ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا ، قال: صدقت ، فلو أردت الممر على الصراط فلا تدرين تنجين أم لا تنجين ، أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا . قال: صدقت ، فلو جيء بالموازين وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين ، أيسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا ، قال: صدقت قال: فلو وقفت بين يدي الله تعالى للمساءلة ، كان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا ، قال: صدقت ، فاتق الله يا أمة الله ، فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك .
قال: فرجعت إلى زوجها ، قال: ما صنعت؟ قالت: أنت بطال ونحن بطالون . فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة .
قال: فكان زوجها يقول: ما لي ولعبيد بن عمير أفسد علي امرأتي كانت لي في كل ليلة عروسا ، فصيرها راهبة .