الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الحسن بن أبي جعفر

            الحسن بن أبي جعفر  ، أبو سعيد الجعفري واسم جعفر: عجلان .

            أسند عن أبي الزبير ، وثابت البناني ، وغيرهما .

            عن أبو عمران التمار قال: غدوت يوما قبل الفجر إلى مسجد الجفري ، فإذا باب المسجد مغلق ، وإذا حسن جالس يدعو ، وإذا ضجة في المسجد وجماعة يؤمنون على دعائه فقام فأذن وفتح باب المسجد ، فدخلت ، فلم أر في المسجد أحدا ، فلما أصبح وتفرق عنه الناس ، قلت له: يا أبا سعيد ، إني والله رأيت عجبا ، قال: وما رأيت؟ فأخبرته بالذي رأيت وسمعت ، قال: أولئك جن من أهل نصيبين يجيئون فيشهدون معي ختم القرآن كل ليلة جمعة .

            زمعة بن صالح المكي

            زمعة بن صالح المكي .

            روى عن سلمة بن وهرام ، وابن طاووس . وروى عنه: وكيع .

            عن مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا القاسم بن راشد الشيباني قال: كان زمعة نازلا عندنا ، وكان له أهل وبنات ، وكان يقوم فيصلي ليلا طويلا ، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته:

            أيها الركب المعرسون ، أكل هذا الليل ترقدون ، ألا تقومون ، فترحلون . فيسمع من هاهنا باك ، ومن هاهنا داع ، ومن هاهنا قارئ ، ومن هاهنا متوضئ . فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته: عند الصباح يحمد القوم السرى .

            سليمان الخواص

            سليمان الخواص   .

            كان من المتعبدين الفطناء قال:

            يزيد بن سعيد دخل سعيد بن عبد العزيز على سليمان الخواص فقال له:

            أراك في ظلمة ، قال: ظلمة القبر أشد من هذا . قال: أراك وحدك . قال: إن للصاحب على الصاحب حقا فخفت أن لا أقوم بحق صاحبي ، قال: فأخرج سعيد صرة فيها شيء ، فقال له: تنفق هذا ، وأنا أحلها لك بين يدي الله تعالى ، إنه حلال . قال: لا حاجة لي فيها ، فقال له: رحمك الله ما ترى ما الناس فيه دعوة . قال: فصرخ سليمان صرخة ، ثم قال: ما لك يا سعيد ، فتنتني بالدنيا وتفتني بالدين ، ما لي وللدعاء من أنا ، فخرج سعيد ، فأخبر بما كان الأوزاعي ، فقال الأوزاعي: دعوا سليمان ، لو كان سليمان من الصحابة كان مثلا .

            شعبة بن الحجاج بن الورد

            شعبة بن الحجاج بن الورد  ، أبو بسطام العتكي مولاهم ، واسطي الأصل بصري الدار .

            ولد بواسط سنة ثلاث ومائتين ، ونشأ بها ، وانتقل إلى البصرة ، ورأى الحسن ، وابن سيرين ، وسمع قتادة ، ويونس بن عبيد ، وأيوب السجستاني ، وخالدا الحذاء ، وعبد الملك بن عمير ، وأبا إسحاق السبيعي ، وطلحة بن مصرف ، ومنصور بن المعتمر ، والأعمش وغيرهم .

            وقد روى عنه: أيوب ، والأعمش ، وابن عيينة ، وابن المهدي ، وكان أكبر من سفيان الثوري بعشر سنين ، وكان عالما حافظا للحديث صدوقا زاهدا متعبدا ، عارفا بالشعر .

            قال الأصمعي: لم نر أحدا أعلم بالشعر من شعبة .

            عن قرار أبو نوح قال: رأى علي شعبة قميصا فقال: بكم أخذت هذا؟ قلت: بثمانية دراهم . قال: ويحك ، أما تتقي الله تلبس قميصا بثمانية دراهم ؟ ألا اشتريت قميصا بأربعة دراهم ، وتصدقت بأربعة .

            قال الضبعي: وحدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد الحيري قال: حدثنا أبي قال:

            سمعت محمد بن معاوية وسليمان بن حرب إلى جنبه يقول: خرج الليث بن سعد يوما فقوموا ثيابه ودابته وخاتمه وما كان عليه ثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفا ، فقال سليمان بن حرب: خرج شعبة يوما فقوموا حماره وسرجه ولجامه بثمانية عشر درهما إلى عشرين درهما .

            عن عمرو بن علي الفلاس قال: سمعت أبا بحر البكراوي يقول: ما رأيت أعبد لله من شعبة ، لقد عبد الله حتى جف جلده على عظمه ليس بينهما لحم .

            قال مؤلف الكتاب : كان شعبة متشاغلا بالعلم ، لا يكسب شيئا من الدنيا ، وكان له إخوة يقومون بأموره ، فاشترى أحد إخوته طعاما من السلطان فخسر فيه ، فقدم شعبة على المهدي في ذلك فعابه بالدخول عليهم سفيان الثوري ، فقال شعبة: هو لم يحبس أخوه .

            وعن أبو عاصم قال: اشترى أخ لشعبة من طعام السلطان فخسر هو وشركاؤه ، فحبس على ستة آلاف دينار تخصه ، فخرج شعبة إلى المهدي ليكلمه فيه فلما دخل عليه قال له: يا أمير المؤمنين أنشدني قتادة وسماك بن حرب لأمية بن أبي الصلت:


            أأذكر حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شيمتك الحياء     كريم لا يغيره صباح
            عن الخلق الكريم ولا مساء     فأرضك أرض مكرمة بنتها
            بنو تيم وأنت لهم سماء

            فقال: لا يا أبا بسطام ، لا تذكرها ، قد عرفناها وقضيناها لك ، ادفعوا إليه أخاه ، ولا تلزموه شيئا .

            وعن محمد بن إسحاق السراج قال: سمعت بعض أصحابنا يقول: وهب المهدي لشعبة ثلاثين ألف درهم فقسمها ، وأقطعه ألف جريب بالبصرة ، فقدم البصرة فلم يجد شيئا يطيب له فتركها ولم يرجع .

            توفي شعبة بالبصرة في هذه السنة وهو ابن سبع وسبعين سنة .

            عبد الله بن صفوان الجمحي

            عبد الله بن صفوان الجمحي   .

            والي المدينة . توفي فولي مكانه زفر بن عاصم .

            عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي

            عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي   .

            سمع القاسم بن عبد الرحمن ، وسلمة بن كهيل وعاصم بن بهدلة وغيرهم .

            روى عنه: الثوري ، وشعبة ، وابن عتبة ، ووكيع ويزيد بن هارون وغيرهم .

            قال الأثرم: سئل أبو عبد الله أحمد بن حنبل عن أبي عمير وعبد الرحمن المسعودي: أيهما أحب إليك؟ قال: كلاهما ثقة ، المسعودي عبد الرحمن أكثرهما حديثا ، قيل: له إخوة؟ قال: نعم . قيل له: هما من ولد عبد الله بن مسعود أو من ولد عتبة؟ فقال: هما من ولد عبيد الله بن عتبة بن مسعود ، وابن عتبة بن عبد الله بن مسعود ، فقال: ابن عتبة بن عبد الله بن مسعود .

            قال: وقال رجل للمسعودي: إنك من ولد عتبة بن مسعود فغضب ، وقال: أنا من ولد عبد الله بن مسعود . وقد اتفقوا على أن عبد الرحمن ثقة ، وإنما ذكروا أنه اختلط في آخر عمره .

            توفي سنة ستين ، وقيل: سنة خمس وستين ، والأول أصح . وممن توفي فيها من الأعيان : الربيع بن صبيح ، وسفيان بن حسين ، أحد أصحاب الزهري

            وفيها مات داود بن نصير الطائي الزاهد ، وكان من أصحاب أبي حنيفة

            وفيها توفي الربيع بن مالك بن أبي عامر ، عم مالك بن أنس الفقيه ، كنيته أبو مالك ، وكانوا أربعة إخوة ، أكبرهم أنس والد مالك ، ثم أويس جد إسماعيل بن أويس ، ثم نافع ، ثم الربيع .

            وفيها توفي خليفة بن خياط العصفري الليثي ، وهو جد خليفة بن خياط .

            ( خياط بالخاء المعجمة ، وبالياء المثناة من تحت ) وفيها توفي الخليل بن أحمد البصري الفرهودي النحوي ، الإمام المشهور في النحو ، أستاذ سيبويه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية