الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة أربعين ومائتين

            ذكر وثوب أهل حمص بعاملهم  

            في هذه السنة وثب أهل حمص بعاملهم أبي المغيث موسى بن إبراهيم الرافعي ، وكان قتل رجلا من رؤسائهم ، فقتلوا جماعة من أصحابه ، وأخرجوه ، وأخرجوا عامل الخراج ، فبعث المتوكل إليهم عتاب بن عتاب ، ومحمد بن عبدويه الأنباري ، وقال لعتاب : قل لهم إن أمير المؤمنين قد بدلكم بعاملكم ، فإن أطاعوا فول عليهم محمد بن عبدويه ، فإن أبو فأقم وأعلمني ، حتى أمدك برجال وفرسان .

            فساروا إليهم ، فوصلوا في ربيع الآخر ، فرضوا بمحمد بن عبدويه ، فعمل فيهم الأعاجيب ، حتى أحوجهم إلى محاربته .

            ذكر الحرب بين المسلمين والفرنج بالأندلس  

            وفي هذه السنة ، في المحرم ، كان بين المسلمين والفرنج حرب شديدة بالأندلس .

            وسبب ذلك أن أهل طليطلة كانوا على ما ذكرنا من الخلاف على محمد بن عبد الرحمن ، صاحب الأندلس ، وعلى أبيه من قبله ، فلما كان الآن سار محمد في جيوشه إلى طليطلة ، فلما سمع أهلها بذلك أرسلوا إلى ملك جليقية يستمدونه وإلى ملك بشكنس فأمداهم بالعساكر الكثيرة .

            فلما سمع محمد بذلك ، وكان قد قارب طليطلة ، عبأ أصحابه ، وقد كمن لهم الكمناء بناحية وادي سليط ، وتقدم هو إليهم في قلة من العسكر ، فلما رأى أهل طليطلة ذلك أعلموا الفرنج بقلة عددهم ، فسارعوا إلى قتالهم ، وطمعوا فيهم ، فلما تراءى الجمعان ، وانتشب القتال ، خرجت الكمناء من كل جهة على المشركين وأهل طليطلة ، فقتل منهم ما لا يحصى ، وجمع من الرؤوس ثمانية آلاف رأس فرقت في البلاد ، فذكر أهل طليطلة أن عدة القتلى من الطائفتين عشرون ألف قتيل ، وبقيت جثث القتلى على وادي سليط دهرا طويلا .

            ذكر عدة حوادث

            وفيها ولي جعفر بن عبد الواحد بن سليمان بن علي قضاء القضاة .

            وحج بالناس هذه السنة عبد الله بن محمد بن داود .

            وكان على أحداث المواسم جعفر بن دينار .

            وفيها :

            أنه أخذ أهل الذمة بتعليم أولادهم السريانية والعبرانية ، ومنعوا من العربية ، ونادى المنادي بذلك ، فأسلم منهم خلق كثير . سمع أهل خلاط صيحة من السماء

            وفي هذه السنة : سمع أهل خلاط صيحة من السماء ، فمات خلق كثير ، وكانت ثلاثة أيام ، وخسف بثلاث عشرة قرية من قرى إفريقية .

            وخرجت ريح من بلاد الترك ، فمرت بمرو فقتلت بشرا كثيرا بالزكام ، ثم صارت إلى نيسابور ، وإلى الري ، ثم إلى همذان وحلوان ، ثم صارت إلى العراق فأصاب أهل سامراء ومدينة السلام حمى وسعال وزكام وأشار المتطببون بالحجامة .

            وقال محمد بن حبيب الهاشمي : كتب تجار المغرب أن ثلاث عشرة قرية من قرى القيروان خسف بها ، فلم ينج من أهلها إلا اثنان وأربعون رجلا سود الوجوه ، فأتوا القيروان فأخرجهم أهلها ، وقالوا : أنتم مسخوط عليكم . فبنى لهم العامل حظيرة خارج [باب ] المدينة فنزلوها . وقوع الجراد على بريد من البصرة  

            وفي ذي القعدة : وقع الجراد على بريد من البصرة ، فخرج الناس في طلبه فأصابهم من الليل ظلمة ومطر وريح ، فمات منهم ألف وثلاثمائة إنسان ، ما بين رجل وامرأة وصبي .

            وفي هذا الشهر : وقع ببغداد برد أعظم من الجوز ، مثل بيض الحمام ، مع مطر شديد ، وسقط يومئذ بسامراء برد مثل بيض الدجاج .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية