الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي سنة ثلاث وسبعين ومائتين من الأكابر

            أحمد بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، أبو إبراهيم الزهري أحمد بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، أبو إبراهيم الزهري   .

            سمع علي بن الجعد ، وعلي بن يحيى ، وغيرهما . روى عنه : البغوي ، وابن صاعد ، والمحاملي ، وابن المنادي ، وغيرهم . وكان مذكورا بالعلم والفضل ، موصوفا بالصلاح والزهد ، ومن أهل بيت كلهم علماء محدثون .

            وعن عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال : سمعت أبي يقول : مضى عمي [ يعني ] أبا إبراهيم الزهري – إلى أحمد بن حنبل يسلم عليه ، فلما رآه قام إليه قائما وأكرمه ، فلما مضى قال له ابنه عبد الله : يا أبت ! أبو إبراهيم شاب ، وتعمل به هذا العمل ، وتقوم إليه؟ فقال له : يا بني ! لا تعارضني في مثل هذا إلا أقوم إلى ابن عبد الرحمن بن عوف ؟ .

            توفي أبو إبراهيم في محرم هذه السنة ، وقد بلغ خمسا وسبعين سنة ، ودفن في مقبرة التبانين .

            حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد ، أبو علي الشيباني ، ابن عم أحمد بن حنبل حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد ، أبو علي الشيباني ، ابن عم أحمد بن حنبل .

            سمع أبا نعيم ، وعاصم بن علي ، وعارم بن الفضل ، ومسددا ، والحميدي ، وابن المديني ، وخلقا كثيرا ، وله كتاب مصنف في التاريخ . روى عنه : البغوي ، وابن صاعد ، وكان ثقة ثبتا صدوقا   .

            خرج إلى واسط ، وتوفي بها في جمادى الأولى من هذه السنة .

            الفتح بن شخرف بن داود بن مزاحم ، أبو نصر الكشي الفتح بن شخرف بن داود بن مزاحم ، أبو نصر الكشي   .

            حدث عن رجاء بن مرجي ، وأبي بكر بن زنجويه ، وغيرهما . روى عنه : أبو عمرو بن السماك ، والنجاد ، وكان من كبار الزهاد المتورعين . وقال أحمد بن حنبل : ما أخرجت خراسان مثل فتح بن شخرف .

            وعن أبو الفضل الزهري قال : سمعت أبا الطيب المعلم يقول : سمعت البربهاري يقول : سمعت فتح بن شخرف] يقول : رأيت رب العزة تعالى في النوم فقال [ لي ] . يا فتح ! احذر لا آخذك على غرة . قال : فتهت في الجبال سبع سنين .

            وعن أبو محمد الجريري قال : قال لي فتح بن شخرف : من إعجابي بكل شيء [ جيد ] عندي قلم كتبت به أربعين سنة ، كنت أكتب به بالنهار وبالليل ، وكانت دارنا واسعة فكنت أكتب به في القمر حتى يرتفع ، وأقعد على سلم في دارنا أرتقي عليه مرقاة مرقاة ، حتى ينتهي السلم ، فإذا تشعث رأس القلم قططته وهو عندي . فأخرج إلي أنبوبة صفر وأخرج القلم منها فأرانيه .

            توفي فتح بن شخرف في شوال هذه السنة ، وقبره ظاهر في مقبرة أحمد بن حنبل ، وصلي عليه ثلاثا وثلاثين مرة ، وأقل قوم كانوا يصلون عليه خمسة وعشرون ألفا . وكان يقول في حياته : أعرف رجلا على عضو من أعضائه مكتوب "لله وإليه" ما كتبها كاتب . فلما مات رآها غاسله .

            وعن الحسن بن الحسين الفقيه قال : سمعت جعفرا الخلدي يقول : سمعت أبا محمد [الحريري] يقول : غسلت الفتح بن شخرف فقلبته على يمينه ، فإذا على فخذه الأيمن مكتوب : "خلقه الله" كتابة بينة .

            محمد بن يزيد ، أبو عبد الله بن ماجه مولى ربيعة محمد بن يزيد ، أبو عبد الله بن ماجه مولى ربيعة .

            ولد سنة تسع ومائتين ، ورحل إلى مكة ، والبصرة ، والكوفة ، وبغداد ، والشام ، ومصر ، والري ، وسمع الكثير ، وصنف : السنن ، والتاريخ ، والتفسير ، وكان عارفا بهذا الشأن . توفي [ في ] يوم الإثنين . ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان هذه السنة ، وهو ابن أربع وستين سنة .

            محمد بن أحمد بن رزين ، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن رزين ، أبو عبد الله .

            حدث عن شبابة بن سوار ، وعلي بن عاصم ، ويزيد بن هارون ، وغيرهم . ومات في هذه السنة .

            محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم ، أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم ، أبو أمية .

            بغدادي سكن طرسوس ، فقيل له : الطرسوسي ، وكان من أهل الرحلة في طلب الحديث ، وكان له فيه حسن فهم ، سمع [ عمر بن ] يونس اليمامي ، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي ، وأبا عاصم النبيل ، وأبا نعيم ، وقبيصة ، وغيرهم . روى عنه : أبو حاتم الرازي ، ووكيع القاضي ، وابن صاعد ، والمحاملي ، وغيرهم . وكان أبو داود السجستاني يقول : أبو أمية ثقة   . وقال أبو بكر الخلال : كان رجلا رفيع القدر جدا ، إماما في الحديث ، مقدما في زمانه ، توفي [ بطرسوس ] في جمادى الآخرة من هذه السنة .

            محمد بن أبي عمران ، أبو يزيد الإستراباذي ، كنيته أبو يزيد محمد بن أبي عمران ، أبو يزيد الإستراباذي ، كنيته أبو يزيد .

            كان فاضلا ، خيرا ، ورعا ثقة  ، ولما جاءت الديالمة إلى إستراباذ باع أبو يزيد هذا أملاكه [ بإستراباذ ] وتحول [ منها ] إلى نيسابور ، وقال : قد اختلط القوت واشتبه ، فأقام فيها إلى أن مات في هذه السنة .

            أبو يعقوب الشريطي ، البصري الصوفي أبو يعقوب الشريطي ، البصري الصوفي   .

            كان عالما بالحديث ، حافظا لعلوم جمة ، وصحب أبا تراب النخشبي ، وكان معظما عند الناس .

            وعن محمد بن إسحاق الكثيري قال : قال أبو سعيد الزيادي : دخل أبو يعقوب الشريطي - وكان من أهل البصرة - مجلس داود الأصبهاني وعليه خرقتان ، فتصدر لنفسه من غير أن يرفعه أحد ، وجلس إلى جنب داود ، فقال داود : سل يا فتى ! فقال أبو يعقوب : يسأل الشيخ عما أحب . فحرد داود فقال : عما أسألك؟ عن الحجامة أسألك؟ قال : فبرك أبو يعقوب ، ثم روى طرق "أفطر الحاجم والمحجوم" ومن أرسله ، ومن أسنده ، ومن وقفه ، ومن ذهب إليه من الفقهاء .

            وروى [ اختلاف ] طرق : "احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره" ، ولو كان حراما لم يعطه ، ثم روى طرق : "إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بقرن " .

            وذكر أحاديث صحيحة في الحجامة ، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة ، مثل [ قوله ] : "ما مررت بملأ من الملائكة" ، ومثل : "شفاء أمتي" وما أشبه ذلك ، وذكر أحاديث ضعيفة مثل قوله : "لا يحتجم يوم كذا ولا ساعة كذا" ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان ، وذكر ما ذكره الأطباء في الحجامة ، ثم قال في آخر كلامه وأول ما خرجت الحجامة من أصبهان . فقال داود [ والله ] لا حقرت أحدا بعدك . خالد بن أحمد أبي الهيثم الذهلي وفيها كانت وفاة :

            خالد بن أحمد أبي الهيثم الذهلي .

            الذي كان أمير خراسان في حبس المعتمد على الله وهذا الرجل هو الذي أخرج البخاري من بخارى ، فدعا عليه ، فلم يفلح بعدها ، ولم يبق في الإمرة إلا أقل من شهر حتى احتيط عليه وعلى أمواله وحواصله ، وأركب حمارا ونودي عليه في بلده ، ثم سجن ، فمات فيه في هذه السنة ، وهذا جزاء من تعرض لأهل السنة وأئمة الحديث .

            إسحاق بن سيار وممن توفي فيها   - أيضا - من الأعيان : إسحاق بن سيار . وحنبل بن إسحاق ، ابن عم الإمام أحمد بن حنبل ، وأحد الرواة المشهورين عنه ، على أنه قد اتهم في بعض ما يرويه ويحكيه . والله أعلم . وأبو أمية الطرسوسي وأبو أمية الطرسوسي . والفتح بن شخرف ، أحد مشايخ الصوفية ذوي الأحوال والكرامات والمقامات والكلمات النافعات ، ووهم ابن الأثير في قوله في " كامله " : إن أبا داود صاحب " السنن " توفي في هذه السنة ، بل في سنة خمس وسبعين ، كما سيأتي .

            ابن ماجه القزويني ابن ماجه القزويني   .

            صاحب " السنن " ، وهو أبو عبد الله محمد بن يزيد ، ابن ماجه القزويني مولى ربيعة ، صاحب كتاب " السنن " المشهورة ، وهي دالة على عمله وعلمه وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة النبوية في الأصول والفروع ، ويشتمل على اثنين وثلاثين كتابا ، وألف وخمسمائة باب ، ويحتوي على أربعة آلاف حديث ، كلها جياد سوى اليسير .

            وقد حكي عن أبي زرعة الرازي أنه انتقد منها بضعة عشر حديثا ، ربما يقال : إنها موضوعة ، أو منكرة جدا . وله تفسير حافل وتاريخ كامل من لدن الصحابة إلى عصره .

            قال أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني : أبو عبد الله محمد بن يزيد ويعرف يزيد بماجه مولى ربيعة ، عالم بهذا الشأن ، صاحب التصانيف في التاريخ ، والسنن ، ارتحل إلى العراقين ومصر والشام . ثم ذكر طرفا من مشايخه ، وقد ترجمناهم في كتابنا " التكميل " ولله الحمد والمنة .

            قال : وقد روى عنه الكبار القدماء ; ابن سيبويه ، ومحمد بن عيسى الصفار ، وإسحاق بن محمد ، وعلي بن إبراهيم بن سلمة القطان ، وجدي أحمد بن إبراهيم ، وسليمان بن يزيد .

            وقال غيره : كانت وفاته يوم الإثنين ، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة ثلاث وسبعين ومائتين عن أربع وستين سنة وصلى عليه أخوه أبو بكر ، وتولى دفنه مع أخيه الآخر أبي عبد الله ، وابنه عبد الله بن محمد بن يزيد ، رحمه الله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية