ووقع الموت في المواشي والعلل في الناس ، وكثرت الحمى ووجع المفاصل ، ودام [الغلاء] حتى تكشف المتجملون ، وهلك الفقراء ، واحتاج الناس إلى الاستسقاء فرئي منام عجيب .
قال أبو محمد الصلحي الكاتب : نادى منادي المتقي [بالله] في زمن خلافته في الأسواق أن أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته إن امرأة صالحة رأت النبي صلى الله عليه وسلم في منامها فشكت احتباس القطر ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون ، ويدعون الله ، فإنه يسقيهم في يومهم ، وإن أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج في يوم الثلاثاء كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نياتكم ، وإقلاع من ذنوبكم . قال: فأخبرني الجم الغفير أنهم لما سمعوا النداء ضجت الأسواق بالبكاء والدعاء ، فشق ذلك علي ، وقلت: في منام امرأة لا يدرى كيف تأويله ، وهل يصح أم لا ، ينادي به خليفة في أسواق مدينة السلام ، فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار ، فليته أمر الناس بالخروج ولم يذكر هذا ، وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء ، فقيل لي إن الناس قد خرجوا إلى المصلى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل بن عبد الملك إمام الجوامع ، وخرج أكثر أصحاب السلطان والفقهاء والأشراف ، فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة ، ثم طبقت الآفاق ، ثم أسبلت عزاليها بمطر جود ، فرجع الناس حفاة من الوحل .