الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  

            عمر بن محمد بن عمر ، أبو علي العلوي   :

            سكن بغداد وحدث بها ، وقد ذكرنا حال أبيه وتوسعه في الدنيا ، وكان لعمر هذا مال كثير فقبض عليه قرواش بن المقلد وأخذ منه مائة ألف دينار ، وتوفي في هذه السنة ، واستولى السلطان على أكثر أمواله وضياعه . أبو الحسن الخادم الأسود الخصي

            دجى بن عبد الله ، أبو الحسن الخادم الأسود الخصي  مولى الطائع لله .

            كان قريبا منه ، وخصيصا به يسفر بينه وبين الملوك ، سمع أبا الفضل بن المأمون وغيره ، وكان سماعه صحيحا وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة . علي بن هلال ، أبو الحسن [المعروف بابن ] البواب  

            صاحب الخط الحسن : صحب ابن سمعون ، وكان يقص بجامع المدينة ، وبلغنا أن أبا الحسن البتي دخل دار فخر الملك أبي غالب ، فوجد ابن البواب جالسا في عتبة باب ينتظر خروج فخر الملك ، فقال جلوس الأستاذ في العتب رعاية للنسب ، فجرد ابن البواب وقال : لو أن إلي من أمر الدنيا شيئا ما مكنت مثلك في الدخول ، فقال البتي : ما تترك صنعة الشيخ رحمه الله .

            توفي الأستاذ أبو الحسن يوم السبت ثاني جمادى الآخرة من هذه السنة ، ودفن بمقبرة باب حرب ورثي بأبيات منها :


            فللقلوب التي أبهجتها حزن وللعيون التي أقررتها سهر     وما لعيش وقد ودعته أرج
            ولا لليل وقد فارقته سحر

            قال ابن خلكان : ويقال له : ابن الستري . لأن أباه كان ملازما لستر الباب ، ويقال له : ابن البواب وكان قد أخذ الخط عن أبي عبد الله محمد بن أسد بن علي بن سعيد البزار ، وقد سمع ابن أسد هذا على النجاد وغيره ، وتوفي في سنة عشر وأربعمائة ، وأما ابن البواب فإنه توفي في جمادى الأولى من هذه السنة ، وقيل : في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة . وقد رثاه بعضهم فقال :


            استشعر الكتاب فقدك سالفا     وقضت بصحة ذلك الأيام
            فلذاك سودت الدوي كآبة     أسفا عليك وشقت الأقلام

            ثم ذكر ابن خلكان أول من كتب بالعربية ، فقيل : إسماعيل عليه السلام . وقيل : أول من كتب بالعربية من قريش حرب بن أمية بن عبد شمس ، أخذها من بلاد الحيرة عن رجل يقال له : أسلم بن سدرة . وسئل عمن اقتبسها ؟ فقال : من واضعها ; رجل يقال له : مرامر بن مرة ، وهو رجل من أهل الأنبار . فأصل الكتابة في العرب من الأنبار . وقال الهيثم بن عدي : وقد كان لحمير كتابة يسمونها المسند ، وهي حروف متصلة غير منفصلة ، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها ، وجميع كتابات الناس تنتهي إلى اثني عشر صنفا ; وهي العربية ، والحميرية ، واليونانية ، والفارسية ، والسريانية ، والعبرانية ، والرومية ، والقبطية ، والبربرية ، والهندية ، والأندلسية ، والصينية . وقد اندرس كثير منها ، فقل من يعرف كثيرا منها . علي بن عيسى بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أبان ، أبو الحسن الفارسي المعروف بالسكري الشاعر   :

            أصله من نفر وهو بلد على النرس من بلاد الفرس ، ولد ببغداد في صفر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة ، وكان يحفظ القرآن والقراءات ، وكان متفننا في الآداب ، وصحب القاضي أبا بكر بن الطيب ، وأكثر شعره في مدح الصحابة والرد على الرافضة والنقض على شعرائهم .

            توفي في يوم الثلاثاء سلخ شعبان ، في هذه السنة ، وقيل : يوم الاثنين لثلاث بقين من شعبان ، ودفن في مقبرة باب الدير في الموضع المعروف بتل صافي مقابل قبر معروف ، وأمر أن يكتب في لوح وينقش على قبره أبيات قالها ، وهي :


            نفس يا نفس كم تمادين في الغي     وتأتين بالفعال المعيب
            راقبي الله واحذري موضع العرض     وخافي يوم الحساب العصيب
            لا يغرنك السلامة في العيش     فإن السليم رهن الخطوب
            كل حي فللمنون ولا يدفع     بأس المنون كيد الأريب
            واعلمي أن للمنية وقتا     سوف يأتي عجلان غير هيوب
            فأعدي لذلك اليوم زادا     وجوابا لله غير كذوب
            إن حب الصديق في موقف الحشر     أمان للخائف المطلوب

            محمد بن أحمد بن محمد بن المنصور ، أبو جعفر البيع ، ويعرف بالعتيقي   :



            أخبرنا القزاز ، أخبرنا الخطيب ، قال : ذكر لي ابنه أبو الحسن أنه ولد برويان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ، وحمل إلى طرسوس وهو ابن سبع سنين ، فنشأ بها وسمع الحديث من شيخ كان بها يعرف بالخواتيمي ، ولم يزل بها حتى غلبت الروم على البلد ، فانتقل إلى دمشق ، ثم ورد بغداد فسكنها حتى مات بها في يوم الخميس الثاني والعشرين من المحرم سنة ثلاث عشرة وأربعمائة قال أبو الحسن : وحدثني بشيء يسير وسمعت منه . محمد بن أحمد بن يوسف بن وصيف ، أبو بكر الصياد  

            ولد في محرم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، وسمع أبا بكر الشافعي ، والقطيعي وغيرهما . وكان ثقة صدوقا خيرا انتخب عليه ابن أبي الفوارس ، وتوفي يوم الجمعة لخمس خلون من ربيع الأول من هذه السنة . محمد بن محمد بن النعمان ، أبو عبد الله المعروف بابن المعلم   :

            شيخ الإمامية وعالمها ، صنف على مذهبهم ، ومن أصحابه المرتضى ، وكان لابن المعلم مجلس نظر بداره بدرب رياح يحضره كافة العلماء ، وكانت له منزلة عند أمراء الأطراف ، لميلهم إلى مذهبه .

            توفي في رمضان هذه السنة ، ورثاه المرتضى فقال .


            من لفضل أخرجت منه خبيئا     ومعان فضضت عنها ختاما
            من ينير العقول من بعد ما كنا     همودا ويفتح الأفهاما
            من يعير الصديق رأيا إذا ما     سله في الخطوب كان حساما

            [ودفن في مقبرة ] ،

            التالي السابق


            الخدمات العلمية