الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة

            ذكر وثوب الأجناد بجلال الدولة وإخراجه من بغداذ  

            في هذه السنة ، في ربيع الأول ، تجددت الفتنة بين جلال الدولة وبين الأتراك ، فأغلق بابه فجاءت الأتراك ونهبوا داره ، وسلبوا الكتاب وأرباب الديوان ثيابهم ، وطلبوا الوزير أبا إسحاق السهلي ، فهرب إلى حلة كمال الدولة غريب بن محمد ، وخرج جلال الدولة إلى عكبرا في شهر ربيع الآخر ، وخطب الأتراك ببغداذ للملك أبي كاليجار ، وأرسلوا إليه يطلبونه وهو بالأهواز .

            فمنعه العادل بن مافنة عن الإصعاد إلى أن يحضر بعض قوادهم .

            فلما رأوا امتناعه من الوصول إليهم ، أعادوا خطبة جلال الدولة ، وساروا إليه ، وسألوه العود إلى بغداذ ، واعتذروا ، فعاد إليها بعد ثلاثة وأربعين يوما ، ووزر له أبو القاسم بن ماكولا ، ثم عزل ، ووزر بعده عميد الدولة أبو سعد بن عبد الرحيم ، فبقي وزيرا أياما ثم استتر .

            وسبب ذلك أن جلال الدولة تقدم إليه بالقبض على أبي المعمر إبراهيم بن الحسين البسامي طمعا في ماله ، فقبض عليه ، وجعله في داره . فثار الأتراك ، وأرادوا منعه ، وقصدوا دار الوزير ، وأخذوه وضربوه ، وأخرجوه من داره حافيا ، ومزقوا ثيابه ، وأخذوا عمامته وقطعوها ، وأخذوا خواتيمه من يده فدميت أصابعه ، وكان جلال الدولة في الحمام ، فخرج مرتاعا ، فركب وظهر لينظر ما الخبر ، فأكب الوزير يقبل الأرض ، ويذكر ما فعل به ، فقال جلال الدولة : أنا ابن بهاء الدولة ، وقد فعل بي أكثر من هذا ; ثم أخذ من البسامي ألف دينار وأطلقه ، واختفى الوزير .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية