الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر خلافة المقتدي بأمر الله   .

            لما توفي القائم بأمر الله بويع المقتدي بأمر الله بن محمد بن القائم بالخلافة ، وحضر مؤيد الملك بن نظام الملك ، والوزير فخر الدولة بن جهير وابنه عميد الدولة ، والشيخ أبو إسحاق ، وأبو نصر بن الصباغ ، ونقيب النقباء طراد ، والنقيب الطاهر المعمر بن محمد ، وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني ، وغيرهم من الأعيان والأماثل ، فبايعوه .

            وقيل : كان أول من بايعه الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي ، فإنه لما فرغ من غسل القائم بايعه ، وأنشده :


            إذا سيد منا مضى قام سيد



            ثم أرتج عليه ، فقال المقتدي :

            قئول بما قال الكرام فعول



            فلما فرغوا من البيعة صلى بهم العصر .

            ولم يكن للقائم من أعقابه ذكر سواه ، فإن الذخيرة أبا العباس محمد بن القائم توفي أيام أبيه ولم يكن له غيره ، فأيقن الناس بانقراض نسله ، وانتقال الخلافة من البيت القادري إلى غيره ، ولم يشكوا في اختلال الأحوال بعد القائم ، لأن من عدا البيت القادري كانوا يخالطون العامة في البلد ، ويجرون مجرى السوقة ، فلو اضطر الناس إلى خلافة أحدهم لم يكن له ذلك القبول ، ولا تلك الهيبة ، فقدر الله تعالى أن الذخيرة أبا العباس كان له جارية اسمها أرجوان ، وكان يلم بها ، فلما توفي ورأت ما نال القائم من المصيبة واستعظمه من انقراض عقبه ، ذكرت أنها حامل ، فتعلقت النفوس بذلك ، فولدت بعد موت سيدها بستة أشهر المقتدي ، فاشتد فرح القائم ، وعظم سروره وبالغ [ في ] الإشفاق عليه والمحبة له .

            فلما كانت حادثة البساسيري كان للمقتدي قريب أربع سنين ، فأخفاه أهله ، وحمله أبو الغنائم بن المحلبان إلى حران ، كما ذكرنا ولما عاد القائم إلى بغداذ أعيد المقتدي إليه . فلما بلغ الحلم جعله ولي عهد ، ولما ولي الخلافة أقر فخر الدولة بن جهير على وزارته بوصية من القائم بذلك ، وسير عميد الدولة بن فخر الدولة بن جهير إلى السلطان ملكشاه لأخذ البيعة ، وكان مسيره في شهر رمضان ، وأرسل معه من أنواع الهدايا ما يجل عن الوصف .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية