.
. ملك أقسيس دمشق
وذلك في سنة ثمان وستين وأربعمائة وقد ذكرنا سنة ثلاث وستين [ وأربعمائة ] ملك أقسيس الرملة ، والبيت المقدس ، وحصره مدينة دمشق ، فلما عاد عنها جعل يقصد أعمالها كل سنة عند إدراك الغلات فيأخذها ، فيقوى هو وعسكره ، ويضعف أهل دمشق وجندها ، فلما كان رمضان سنة سبع وستين سار إلى دمشق فحصرها . وأميرها المعلى بن حيدرة من قبل الخليفة المستنصر ، فلم يقدر عليها ، فانصرف عنها في شوال ، فهرب أميرها المعلى في ذي الحجة .
وكان سبب هربه أنه أساء السيرة مع الجند والرعية وظلمهم ، فكثر الدعاء عليه ، وثار به العسكر ، وأعانهم العامة ، فهرب منها إلى بانياس ، ثم منها إلى صور ، ثم أخذ إلى مصر فحبس بها ، فمات محبوسا .
فلما هرب من دمشق اجتمعت المصامدة ، وولوا عليهم انتصار بن يحيى المصمودي ، المعروف برزين الدولة ، وغلت الأسعار بها حتى أكل الناس بعضهم بعضا .
ووقع الخلف بين المصامدة وأحداث البلد ، وعرف أقسيس ذلك ، فعاد إلى دمشق ، فنزل عليها في شعبان من هذه السنة ، فحصرها ، فعدمت الأقوات ، فبيعت الغرارة ، إذا وجدت ، بأكثر من عشرين دينارا ، فسلموها إليه بأمان ، ( وعوض انتصار عنها بقلعة بانياس ، ومدينة يافا من الساحل ) ، ودخلها هو وعسكره في ذي القعدة ، وخطب بها يوم الجمعة لخمس بقين من ذي القعدة ، للمقتدي بأمر الله الخليفة العباسي ، وكان آخر ما خطب فيها للعلويين المصريين ، وتغلب على أكثر الشام ، ومنع الأذان بحي على خير العمل ، ففرح أهلها فرحا عظيما ، وظلم أهلها ، وأساء السيرة فيهم .