الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ما فعل بهم العامة بأصبهان  

            استفحل أمر الباطنية بأصبهان لما مات ملك شاه ، فآل الأمر إلى أنهم كانوا يسرقون الإنسان فيقتلونه ويلقونه في البئر ، فكان الإنسان إذا دنا وقت العصر ولم يعد إلى منزله يئسوا منه ، وفتش الناس المواضع ، فوجدوا امرأة في دار الأزج فوق حصير ، فأزالوها فوجدوا تحت الحصير أربعين قتيلا ، فقتلوا المرأة ، وأخربوا الدار والمحلة ، وكان يجلس رجل ضرير على باب الزقاق الذي فيه الدار ، فإذا مر به إنسان سأله أن يقوده خطوات إلى الزقاق ، فإذا حصل هناك جذبه من في الدار ، [واستولوا عليه] ، فجد المسلمون في طلبهم بأصبهان ، وقتلوا منهم خلقا كثيرا . ولما عمت هذه المصيبة الناس بأصبهان ، أذن الله تعالى في هتك أستارهم ، والانتقام منهم ، فاتفق أن رجلا دخل دار صديق له ، فرأى فيها ثيابا ، ومداسات وملابس لم يعهدها ، فخرج من عنده ، وتحدث بما كان ، فكشف الناس عنها ، فعلموا أنها من المقتولين .

            وثار الناس كافة يبحثون عمن قتل منهم ، ويستكشفون ، فظهروا على الدروب التي هم فيها ، وإنهم كانوا إذا اجتاز بهم إنسان أخذوه إلى دار منهم وقتلوه وألقوه في بئر في الدار قد صنعت لذلك .

            فتجرد للانتقام منهم أبو القاسم مسعود بن محمد الخجندي ، الفقيه الشافعي ، وجمع الجم الغفير بالأسلحة ، وأمر بحفر أخاديد ، وأوقد فيها النيران ، وجعل العامة يأتون بالباطنية أفواجا ومنفردين ، فيلقون في النار ، وجعلوا إنسانا على أخاديد النيران ، وسموه مالكا ، فقتلوا منهم خلقا كثيرا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية