ذكر عدة حوادث
في هذه السنة أقطع السلطان محمود الأمير آقسنقر البرسقي مدينة واسط وأعمالها ، مضافا إلى ولاية الموصل وغيرها مما بيده ، وشحنكية العراق ، فلما أقطعها البرسقي سير إليها عماد الدين زنكي بن آقسنقر الذي كان والده صاحب حلب ، وأمره بحمايتها ، فسار إليها في شعبان ووليها . وفيها ظهر معدن نحاس بديار بكر قريبا من قلعة ذي القرنين . وفيها زاد الفرات زيادة عظيمة لم يعهد مثلها ، فدخل الماء إلى ربض قلعة جعبر ، وكان الفرات ، حينئذ ، بالقرب منها ، فغرق أكثر دوره ومساكنه ، وحمل فرسا من الربض وألقاه من فوق السور إلى الفرات . وفيها بنيت مدرسة بحلب لأصحاب الشافعي .
وفيها توفيت ابنة السلطان سنجر زوج السلطان محمود . وفي يوم الأربعاء رابع عشر صفر: مضى الوزير أبو علي بن صدقة ومعه موكب الخليفة إلى القورج ، واجتمع بالوزير أبي طالب ، ووقفا على ظهور مراكبهما ساعة ثم انصرفا ، فما استقر الناس في منازلهم حتى ووقع برد عظيم معه ولم يبق بالبلد دار إلا ودخل الماء من حيطانها وأبوابها وخرج من آبار الناس . وفي هذا الوقت: ورد الحاج شاكرين لطريقهم واصفين نعمة الله تعالى بكثرة الماء والعشب ورخص السعر ، وكانت الكسوة نفذت على يدي [القاضي] أبي الفتح ابن البيضاوي ، وأقام بالمدينة لعمارة ما تشعث من مسجدها . وفي عشية سلخ صفر: تقدم السلطان بالاستظهار على منصور بن صدقة ، ونفذ إلى مكان فوثق عليه . وفي ذي الحجة: جاء مطر عظيم أجمع الأشياخ أنهم لم يروا مثله في أعمارهم ، فأمير المؤمنين خارج إلى القتال عنكم يا مسلمين . أخرج المسترشد السرادق ، ونودي النفير
وغلا السعر ، فبلغ ثلاثة أرطال بقيراط ، وأمر المسترشد أن يتعامل الناس بالدراهم عشرة بدينار والقراضة اثني عشر بدينار .
وخرج الخليفة يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي الحجة من داره وعبر إلى السرادق ومعه الخلق . فيها ملك السلطان حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق قلعة ماردين بعد وفاة أبيه ، وملك أخوه سليمان ميافارقين . وحج بالناس نظر الخادم .