لما كان يوم الخميس ثامن جمادى الآخرة نزل التتار على البيرة في ثلاثين ألف مقاتل; خمسة عشر ألفا من المغول ، وخمسة عشر ألفا من الروم ، والمقدم على الجميع البرواناه ، بأمر أبغا ملك التتر ، ومعهم جيش الموصل وجيش ماردين والأكراد ، ونصبوا عليها ثلاثة وعشرين منجنيقا ، فخرج أهل البيرة في الليل ، فكبسوا عسكر التتار وأحرقوا المنجنيقات ونهبوا شيئا كثيرا ، ورجعوا إلى بيوتهم سالمين ، فأقام عليها الجيش مدة إلى تاسع عشر الشهر المذكور ، ثم رجعوا عنها بغيظهم لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا .
ولما بلغ السلطان نزول التتر على البيرة أنفق في الجيش ستمائة ألف دينار ، ثم ركب سريعا وفي صحبته ولده السعيد ، فلما كان في أثناء الطريق بلغه رحيل التتر عنها ، فعاد إلى دمشق ، ثم ركب في رجب إلى القاهرة ، فدخلها في ثامن عشر ، فوجد بها خمسة وعشرين رسولا من جهة ملوك الأرض ينتظرونه ، فتلقوه وحدثوه وقبلوا الأرض بين يديه ، ودخل القلعة في أبهة عظيمة .