الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير

                                                                                                                                                                                                                                      11 - والله خلقكم ؛ أي: أباكم؛ من تراب ثم ؛ أنشأكم؛ من نطفة ثم جعلكم أزواجا ؛ أصنافا؛ أو ذكرانا وإناثا؛ وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ؛ هو في موضع الحال؛ أي: إلا معلومة له؛ وما يعمر من معمر ؛ أي: وما يعمر من أحد؛ وإنما سماه "معمرا"؛ بما هو صائر إليه؛ ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ؛ يعني اللوح أو صحيفة الإنسان؛ "ولا ينقص"؛ "زيد"؛ فإن قلت: الإنسان إما معمر - أي: طويل العمر - أو منقوص العمر - أي: قصيره -؛ فأما أن يتعاقب عليه التعمير وخلافه فمحال؛ فكيف صح قوله: "وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره"؛ قلت: هذا من الكلام المتسامح فيه؛ ثقة في تأويله بأفهام السامعين؛ واتكالا على تسديدهم معناه بعقولهم؛ وأنه لا يلتبس عليهم إحالة الطول والقصر في عمر واحد؛ وعليه كلام الناس؛ يقولون: "لا يثيب الله عبدا ولا يعاقبه إلا بحق"؛ أو تأويل الآية أنه يكتب في الصحيفة: "عمره كذا كذا سنة"؛ ثم يكتب في أسفل ذلك: "ذهب يوم؛ ذهب يومان"؛ حتى يأتي على آخره؛ فذلك نقصان عمره؛ وعن قتادة: "المعمر": من يبلغ ستين سنة؛ و"المنقوص من عمره": من يموت قبل ستين سنة"؛ إن ذلك أي: إحصاءه؛ أو زيادة العمر؛ ونقصانه؛ على الله يسير ؛ سهل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية