[ ص: 213 ] سئل : - عمن زعم أن " الإمام أحمد " كان من أعظم النفاة للصفات - صفات الله تعالى - وإنما الذين انتسبوا إليه من أتباعه في المذهب ظنوا أنه كان من أهل الإثبات المنافي للتعطيل جهلا منهم بما جرى له فإنه اتفق له أمر عجيب : وهو أن ناسا من " الزنادقة " قد علموا زهد أحمد وورعه وتقواه وأن الناس يتبعونه فيما يذهب إليه ; فجمعوا له كلاما في الإثبات وعزوه إلى تفاسير وكتب أحاديث وأضافوا أيضا إلى الصحابة والأئمة وغيرهم حتى إليه هو - شيئا كثيرا من ذلك على لسانه - وجعلوا ذلك في صندوق مقفل وطلبوا من الإمام أحمد أن يستودع ذلك الصندوق منهم ; وأظهروا أنهم على سفر ونحو ذلك وأنهم غرضهم الرجوع إليه ليأخذوا تلك الوديعة وهم يعلمون أنه لا يتعرض لما في الصندوق فلم يزل عنده ذلك إلى أن توفاه الله ; فدخل أتباعه والذين أخذوا عنه العلم فوجدوا ذلك الصندوق وفتحوه فوجدوا فيه تلك " الأحاديث الموضوعة " و " التفاسير والنقول " الدالة على الإثبات .
فقالوا : لو لم يكن الإمام أحمد يعتقد ما في هذه الكتب لما أودعها هذا الصندوق واحترز عليها ; فقرءوا تلك الكتب وأشهروها في جملة ما أشهروا من تصانيفه وعلومه [ ص: 214 ] وجهلوا مقصود أولئك الزنادقة الذين قصدوا فساد هذه الأمة الإسلامية كما حصل مقصود بولص بإفساد الملة النصرانية بالرسائل التي وضعها لهم .


