الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو مر عبد مأذون له بمائتي درهم [ ص: 232 ] وليس عليه دين عشره ) وقال أبو يوسف : لا أدري أن أبا حنيفة رجع عن هذا أم لا . وقياس قوله الثاني في المضاربة وهو قولهما أنه لا يعشره ; لأن الملك فيما في يده للمولى وله التصرف فصار كالمضارب . وقيل في الفرق بينهما أن العبد يتصرف لنفسه حتى لا يرجع بالعهدة على المولى فكان هو المحتاج إلى الحماية ، والمضارب يتصرف بحكم النيابة حتى يرجع بالعهدة على رب المال فكان رب المال هو المحتاج . فلا يكون الرجوع في المضارب رجوعا منه في العبد وإن كان مولاه معه يؤخذ منه ; لأن الملك له إلا إذا كان على العبد دين يحيط بماله لانعدام الملك أو للشغل . قال ( ومن مر على عاشر الخوارج في أرض قد غلبوا عليها فعشره يثنى عليه الصدقة ) معناه : إذا مر على عاشر أهل العدل ; لأن التقصير جاء من قبله حيث إنه مر عليه .

التالي السابق


( قوله وقيل في الفرق بينهما ) لا يخفى عدم تأثير هذا الفرق ، فإن مناط عدم الأخذ من المضارب وهو القول المرجوع إليه كونه ليس بمالك ولا نائب عنه فليس له ذلك ، ولأنه لا نية حينئذ ، ومجرد دخوله في الحماية لا يوجب الأخذ إلا مع وجود شروط الزكاة على ما مر أول الباب فلا أثر لما ذكر من الفرق ، فالصحيح أنه لا يأخذ من المأذون كما صححه في الكافي ( قوله : لانعدام الملك فيما في يده ) أي على قول أبي حنيفة أو الشغل على قولهما ( قوله لأن التقصير جاء من قبله إلخ ) بخلاف ما لو غلب الخوارج على بلدة فأخذوا زكاة سوائمهم لا يثني عليهم الإمام لأنه لا تقصير من المالك بل من الإمام . ومن مر برطاب اشتراها للتجارة كالبطيخ والقثاء ونحوه لم يعشره عند أبي حنيفة ، وقالا : يعشره لاتحاد الجامع وهو حاجته إلى الحماية وهو يقول : اتحاد الجامع إنما يوجب الاشتراك في الحكم عند عدم المانع ، وهو ثابت هنا فإنها تفسد بالاستبقاء ، وليس عند العامل فقراء في البر ليدفع لهم ، فإذا بقيت ليجدهم فسدت فيفوت المقصود ، فلو كانوا عنده أو أخذ ليصرف إلى عمالته كان له ذلك .




الخدمات العلمية