الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  575 76 - حدثنا عبد الله بن الصباح قال: حدثنا أبو علي الحنفي قال: حدثنا قرة بن خالد، قال: انتظرنا الحسن وراث علينا حتى قربنا من وقت قيامه، فجاء فقال: دعانا جيراننا هؤلاء ثم قال: قال أنس نظرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة حتى كان شطر الليل يبلغه، فجاء فصلى لنا، ثم خطبنا فقال: ألا إن الناس قد صلوا، ثم رقدوا وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة قال الحسن: وإن القوم لا يزالون بخير ما انتظروا الخير، قال قرة: هو من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " ثم خطبنا ".

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله): وهم خمسة: الأول: عبد الله بن صباح بتشديد الباء الموحدة، ويروى الصباح بالألف واللام، ويجوز دخول الألف واللام على العلم إذا كان في الأصل صفحة للمح الوصفية وهو العطاء، مات سنة تسع ومائتين.

                                                                                                                                                                                  الثاني: أبو علي الحنفي واسمه عبيد الله بن عبد المجيد، مات سنة أربع وخمسين ومائة.

                                                                                                                                                                                  الثالث: قرة بضم القاف وتشديد الراء ابن خالد السدوسي، مات سنة أربع وخمسين ومائة.

                                                                                                                                                                                  الرابع: الحسن البصري .

                                                                                                                                                                                  الخامس: أنس بن مالك .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه القول في خمسة مواضع، وفيه أن رواته كلهم بصريون، وأخرجه مسلم من حديث قرة، عن قتادة، عن أنس، والبخاري أبدل قتادة بالحسن .

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه) قوله: " وراث علينا " جملة فعلية حالية وفعلها ماض فتكون بالواو ومعنى راث بالثاء المثلثة أبطأ، يقال: راث يريث ريثا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حتى قربنا ": أي حتى كان الزمان أو ريثه قريبا من وقت قيام الحسن من المسجد لأجل النوم، أو من النوم لأجل التهجد، ويروى: " حتى قربنا " من قرب يقرب جملة فعلية.

                                                                                                                                                                                  قوله: " جيراننا " بكسر الجيم جمع جار، وإنما قال الحسن هذه المقالة في معرض الاعتذار عن تخلفه عن القعود على عادته. قوله: " ثم قال ": أي الحسن قوله: " نظرنا " النبي - صلى الله عليه وسلم - "، وفي رواية الكشميهني : " انتظرنا " وكلاهما بمعنى والنظر يجيء بمعنى الانتظار.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ذات ليلة ": أي في ليلة والمعنى قطعة من الزمان وإضافة ذات إلى ليلة من قبيل إضافة المسمى إلى الاسم، وهي قليلة؛ لأنها تفيد بدون المضاف ما تفيده معه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حتى كان شطر الليل " شطر بالرفع، وكان تامة، ويجوز أن تكون ناقصة وقوله: " يبلغه " خبره، ويروى: " شطر الليل " بالنصب: أي كان الوقت شطر الليل، ويكون يبلغه استئنافا، أو جملة مؤكدة، ومعناه يصل الليل إذ الانتظار إلى الشطر يقال: بلغت المكان بلوغا إذ وصلت إليه، وكذلك إذا شارفت عليه وقاربته.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ما انتظرتم الصلاة ": أي مدة انتظار الصلاة. قوله: " في خير "، ويروى " بخير " بالباء يعني عمم الحسن الحكم في كل الخيرات، وذكر ذلك لأصحابه مؤنسا لهم ومعرفا أنهم وإن كان فاتهم الأجر على ما يتعلمونه منه في تلك الليلة على ظنهم فلم يفتهم الأجر مطلقا؛ لأن منتظر الخير في خير فيحصل له الأجر بذلك.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : (فإن قلت): المنتظر للصلاة جاز له الكلام والأكل والشرب ونحوها فما معنى كونه في الصلاة؟

                                                                                                                                                                                  (قلت): من جهة حصول الثواب له لا من جميع الجهات. قوله: " قال قرة " وهو من حديث أنس : أي قال قرة بن خالد وهو أي قول الحسن : " فإن القوم لا يزالون في خير " إلى آخره من حديث أنس لا من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الحسن لم يصرح برفعه ولا بوصله، بخلاف الكلام الأول فإنه ظاهر أنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية