الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  684 105 - حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه: مروا أبا بكر يصلي بالناس، قالت عائشة: قلت: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل، فقال: مروا أبا بكر فليصل للناس، قالت عائشة لحفصة: قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: مه إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل للناس، قالت حفصة لعائشة: ما كنت لأصيب منك خيرا.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن عائشة أخبرت فيه أن أبا بكر إذا قام في مقام النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - يبكي بكاء شديدا حتى لا يسمع الناس قراءته من شدة البكاء؛ فإن قلت: هذا إخبار عما سيقع، وليس فيه ما يدل على أنه بكى، قلت: هي أخبرت عما شاهدته من بكائه في صلاته قبل ذلك، وقاست على هذا أنه إذا قام مقام النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - يبكي أشد من ذلك لرؤيته خلو مكان النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - مع ما عنده من الرقة وسرعة البكاء؛ فإن قلت: ما في الحديث شيء يدل على أن أبا بكر كان إماما فضلا عن أنه بكى وهو إمام، قلت: جاء في حديث هذا الباب عن عائشة، قلت: يا رسول الله، إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه، فثبت بهذا أنه كان يبكي إذا قرأ القرآن، وثبت أنه كان إماما قبل أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان قرأ قبل ذلك، والدليل عليه ما جاء فيه: فاستفتح النبي - صلى الله عليه وسلم - من حيث انتهى أبو بكر من القراءة، فدل ذلك على أنه كان يبكي وهو يقرأ القرآن، وأنه كان يقرأ وهو إمام إلى وقت مجيء النبي - صلى الله عليه وسلم - فطابق الحديث الترجمة من هذه الحيثية فافهم، فإن أحدا ما نبه على ذلك.

                                                                                                                                                                                  ذكر بقية الكلام مما لم نذكره

                                                                                                                                                                                  أما رجاله فقد مر ذكرهم غير مرة، وإسماعيل بن أويس الأصبحي المدني ابن أخت مالك بن أنس، وكلهم.

                                                                                                                                                                                  [ ص: 253 ] مدنيون، وفيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول في موضع واحد. قوله: ( من البكاء ) كلمة من للتعليل أي لأجل البكاء، وقال الكرماني في البكاء: أي لأجل البكاء، وفي جاء للسببية أو هو حال أي كائنا في البكاء، وهو من باب إقامة بعض حروف الجر مقام بعض، قلت: هذا إنما يتوجه إذا صحت رواية في البكاء. قوله: ( فمر عمر فليصل )، ويروى يصلي. قوله: ( بالناس )، ويروى للناس. قوله: ( ففعلت ) أي القول المذكور، ولم تقل: فقالت كذا وكذا اختصارا. قوله: ( مه ) كلمة زجر، وقد تقدم فيما مضى.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية