10 - باب البيع يشترط فيه شرط ليس منه 
 5647  - حدثنا علي بن شيبة  قال : ثنا  يزيد بن هارون  قال : أخبرنا  زكريا بن أبي زائدة  ، عن الشعبي  ، عن  جابر بن عبد الله  أنه كان يسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جمل له فأعياه ، فأدركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما شأنك يا  جابر  ؟ " فقال : أعيى ناضحي يا رسول الله ، فقال : " أمعك شيء ؟ فأعطاه قضيبا أو عودا ، فنخسه به ، أو قال : ضربه ، فسار سيرة لم يكن يسير مثلها . 
فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بعنيه بأوقية " قال : قلت : يا رسول الله ، هو ناضحك . 
قال : فبعته بأوقية ، واستثنيت حملانه ، حتى أقدم على أهلي ، فلما قدمت أتيته بالبعير فقلت : هذا بعيرك يا رسول الله قال : " لعلك ترى أني إنما حبستك ، لأذهب ببعيرك ، يا  بلال  ، أعطه من العيبة أوقية ، وقال : " انطلق ببعيرك ، فهما لك   . 
قال  أبو جعفر   : فذهب قوم إلى أن الرجل إذا باع من رجل دابة ، بثمن معلوم ، على أن يركبها البائع إلى موضع معلوم ، أن البيع جائز ، والشرط جائز ، واحتجوا في ذلك بحديث  جابر  هذا . 
 [ ص: 42 ] وخالفهم في ذلك آخرون ، ثم افترق المخالفون لهم على فرقتين ، فقالت فرقة : البيع جائز ، والشرط باطل . 
وقالت فرقة : البيع فاسد ، وسنبين ما ذهبت إليه الفرقتان جميعا ، في هذا الباب ، إن شاء الله تعالى . 
فكان من الحجة لهاتين الفرقتين جميعا ، على الفرقة الأولى في حديث  جابر  الذي ذكرنا ، أن فيه معنيين ، يدلان أن لا حجة لهم فيه . 
فأما أحد المعنيين ، فإن مساومة النبي - صلى الله عليه وسلم - لجابر   - رضي الله عنه - ، إنما كانت على البعير ، ولم يشترط في ذلك لجابر   - رضي الله تعالى عنه - ركوبا ، قال  جابر   - رضي الله عنه - : فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي . 
فوجه هذا الحديث أن البيع إنما كان على ما كانت عليه المساومة ، من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم كان الاستثناء للركوب من بعد ، فكان ذلك الاستثناء مفصولا من البيع ، لأنه إنما كان بعده ، فليس في ذلك حجة تدلنا كيف حكم البيع ، لو كان ذلك الاستثناء مشروطا في عقدته ، هل هو كذلك أم لا ؟ 
وأما الحجة الأخرى ، فإن جابرا   - رضي الله عنه - قال : فلما قدمت المدينة  أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبعير ، فقلت : هذا بعيرك يا رسول الله . 
قال : " لعلك ترى أني إنما حبستك لأذهب ببعيرك ، يا  بلال  أعطه أوقية ، وخذ بعيرك ، فهما لك " فدل ذلك أن ذلك القول الأول ، لم يكن على التبايع . 
فلو ثبت أن الاشتراط للركوب ، كان في أصله بعد ثبوت هذه العلة ، لم يكن في هذا الحديث حجة ، لأن المشترط فيه ذلك الشرط ، لم يكن بيعا . 
ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لم يكن ملك البعير على  جابر  ، فكان اشتراط  جابر  للركوب ، اشتراطا فيما هو له مالك . 
فليس في هذا دليل على حكم ذلك الشرط ، لو وقع في بيع يوجب الملك للمشتري كيف كان حكمه ؟ وذهب الذين أبطلوا الشرط في ذلك ، وجوزوا البيع إلى حديث  بريرة   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					