5846  - حدثنا  يونس  ، قال : ثنا  سفيان  ، عن  عمرو  قال : أخبرني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف  ، أن  عبد الرحمن  فضل بني أم كلثوم  بنحل قسمه بين ولده   . 
فهذا أبو بكر  رضي الله عنه قد أعطى  عائشة  رضي الله عنها دون سائر ولده ورأى ذلك جائزا ورأته هي كذلك ، ولم ينكره عليهما أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم . 
وهذا  عبد الرحمن بن عوف  رضي الله عنه قد فضل بعض أولاده أيضا فيما أعطاهم على بعض ولم ينكر ذلك عليه منكر .  [ ص: 89 ] فكيف يجوز لأحد أن يحمل فعل هؤلاء على خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم . 
ولكن قول النبي صلى الله عليه وسلم عندنا فيما ذكرنا من ذلك إنما كان على الاستحباب كاستحبابه التسوية بين أهله في العطية . وترك التفضيل لحرهم على مملوكهم ليس على أن ذلك ما لا يجوز غيره ، ولكن على استحبابه لذلك وغيره في الحكم جائز كجوازه . 
وقد اختلف أصحابنا في عطية الولد التي يتبع فيها أمر النبي صلى الله عليه وسلم لبشير كيف هي ؟ فقال  أبو يوسف  رحمة الله عليه : يسوى بين الأنثى فيها والذكر . وقال  محمد بن الحسن  رحمة الله عليه : بل يجعلها بينهم على قدر المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين . 
قال  أبو جعفر  في قول النبي صلى الله عليه وسلم : سووا بينهم في العطية كما تحبون أن يسووا لكم في البر ، دليل على أنه أراد التسوية بين الإناث والذكور ؛ لأنه لا يراد من البنت شيء من البر إلا الذي يراد من الابن مثله . فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد من الأب لولده ما يريد من ولده له ، وكان ما يريد من الأنثى من البر مثل ما يريد من الذكر كان ما أراد منه لهم من العطية للأنثى مثل ما أراد للذكر . 
وفي حديث  أبي الضحى  ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ألك ولد غيره ؟ فقال : نعم . فقال : ألا سويت بينهم ؟ ولم يقل : ألك ولد غيره ذكر أو أنثى ؟ وذلك لا يكون وإلا وحكم الأنثى فيه كحكم الذكر ، ولولا ذلك لما ذكر التسوية إلا بعد علمه أنهم ذكور كلهم . 
فلما أمسك عن البحث عن ذلك ثبت استواء حكمهم في ذلك عنده ، فهذا أحسن عندنا مما قال محمد  رحمة الله عليه . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك أيضا . 
				
						
						
