[ ص: 385 ]  2 - باب الرجل يوصي بثلث ماله لقرابته ، أو لقرابة فلان منهم 
قال  أبو جعفر   : اختلف الناس في الرجل يوصي بثلث ماله ؛ لقرابة فلان ، منهم ، القرابة الذين يستحقون تلك الوصية . 
فقال  أبو حنيفة  رحمه الله : هم كل ذي رحم محرم ، من فلان ، من قبل أبيه ، أو من قبل أمه ، غير أنه يبدأ في ذلك بمن كانت قرابته منهم من قبل أبيه ، على من كانت قرابته منه من قبل أمه . 
وتفسير ذلك أن يكون للموصي لقرابته عم وخال ، فقرابة عمه من قبل أبيه كقرابة خاله منه ، من قبل أمه ، فليبدأ في ذلك بعمه على خاله ، فيجعل الوصية له . 
وقال زفر  رحمه الله : الوصية لكل من قرب منه من قبل أبيه ، أو من قبل أمه ، دون من كان أبعد منه . 
وسواء كان في ذلك بين من كان منهم ذا رحم محرم ، وبين من كان ذا رحم غير محرم . 
وقال  أبو يوسف   ومحمد بن الحسن  رحمهما الله تعالى : الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أب واحد ، منذ كانت الهجرة من قبل أبيه ، أو من قبل أمه . 
وسواء في ذلك ، بين من بعد منهم ، وبين من قرب ، وبين من كانت رحمه غير محرمة . 
ولم يفضلا في ذلك من كانت رحمه من قبل الأب ، على من كانت رحمه من قبل الأم . 
وقال آخرون : الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أبوه الرابع إلى ما هو أسفل من ذلك . 
وقال آخرون : الوصية في ذلك لكل من جمعه وفلانا أب واحد في الإسلام ، أو في الجاهلية ، ممن يرجع بآبائه ، أو بأمهاته إليه ، أبا غير أب ، أو أما غير أم ، إلى أن تلقاه ، مما ثبتت به المواريث ، أو تقوم به الشهادات . 
وإنما جوز أهل هذه المقالات الوصية للقرابة ، على ما ذكرنا من قول كل واحد منهم ، إذا كانت تلك القرابة قرابة تحصى وتعرف . 
فإن كانت لا تحصى ولا تعرف ؛ فإن الوصية بها باطلة في قولهم جميعا إلا أن يوصي بها لفقرائهم ، فتكون جائزة لمن رأى الوصي دفعها إليه منهم . 
وأقل من يجوز له أن يجعلها منهم ، اثنان فصاعدا ، في قول  محمد بن الحسن  رحمه الله . 
وقال  أبو يوسف  رحمه الله : إن دفعها إلى واحد منهم أجزأه ذلك . 
فلما اختلفوا في القرابة منهم هذا الاختلاف ، وجب أن ننظر في ذلك ؛ لنستخرج من أقاويلهم هذه قولا صحيحا . 
 [ ص: 386 ] فنظرنا في ذلك ، فكان من حجة الذين ذهبوا إلى أن القرابة ، هم الذين يلتقونه ومن يقاربونه ، عند أبيه الرابع فأسفل من ذلك . 
إنما قالوا ذلك فيما ذكروا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قسم سهم ذي القربى ، أعطى بني هاشم  وبني المطلب   . 
وإنما يلتقي هو وبنو المطلب  ، عند أبيه الرابع ؛ لأنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف   . 
والآخرون بنو المطلب بن عبد مناف  ، يلتقونهم ، وهو عند عبد مناف  ، وهو أبوه الرابع . 
فمن الحجة عليهم في ذلك للآخرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أعطى بني هاشم  ، وبني المطلب  ، قد حرم بني أمية  ، وبني نوفل  ، وقرابتهم منه كقرابة بني المطلب   . 
فلم يحرمهم ؛ لأنهم ليسوا قرابة ، ولكن لمعنى غير القرابة . 
فكذلك من فوقهم ، لم يحرمهم ؛ لأنهم ليسوا قرابة ، ولكن لمعنى غير القرابة . 
				
						
						
