الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4759 [ 2538 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=661767 "يا nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر ! nindex.php?page=treesubj&link=32660_18109إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك" .
وفي أخرى : "ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف" .
و (قوله : " nindex.php?page=treesubj&link=32660إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك ") هذا الأمر على جهة الندب ، والحض على مكارم الأخلاق ، وإرشاد إلى محاسنها ، لما يترتب عليه من المحبة ، وحسن العشرة والألفة ، ولما يحصل به من المنفعة ، ودفع الحاجة والمفسدة ، فقد يتأذى الجار بقتار قدر جاره ، وعياله وصغار ولده ، ولا يقدر على التوصل إلى ذلك ، فتهيج من ضعفائهم الشهوة ، ويعظم على القائم عليهم الألم والكلفة ، وربما يكون يتيما ، أو أرملة ضعيفة ، فتعظم المشقة ، ويشتد منهم الألم والحسرة ، وكل ذلك يندفع بتشريكهم في شيء من الطبيخ يدفع إليهم ، فلا أقبح من منع هذا النذر اليسير الذي يترتب عليه هذا الضرر الكبير .
و (قوله : " فأكثر ماءها ") تنبيه لطيف على تيسير الأمر على البخيل ؛ إذ الزيادة [ ص: 612 ] المأمور بها ، إنما هي فيما ليس له ثمن ، وهو الماء . ولذلك لم يقل : إذا طبخت مرقة فأكثر لحمها ، أو طبيخها ؛ إذ لا يسهل ذلك على كل أحد .
و (قوله : " فأصبهم منها بمعروف ") أي : بشيء يهدى مثله عرفا ، تحرزا من القليل المحتقر ، فإنه - وإن كان مما يهدى - فقد لا يقع ذلك الموقع ، فلو لم يتيسر إلا القليل المحتقر فليهده ولا يحتقره ، كما جاء في الحديث الآخر : " لا تحقرن من المعروف شيئا " ويكون المهدي له مأمورا بقبول ذلك المحتقر ، والمكافأة عليه ، ولو بالشكر ، لأنه وإن كان قدره محتقرا ، دليل على تعلق قلب المهدي بجاره .