ومما يدخل في هذا الباب قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية فهل المراد توزيع مجموع الصدقات على مجموع الأصناف أو كل فرد من أفراد الصدقات على مجموع الأصناف .
وينبني على ذلك مسألة وجوب استيعاب الأصناف بكل صدقة وفي ذلك روايتان أشهرهما أنه غير واجب .
قال وهل يجب على الإمام إذا اجتمعت عنده الصدقات أنه يعم الأصناف منها أم لا يجب على ذلك تبغضيني التوفية باستيعاب الأصناف بمجموع الصدقات كما دلت عليه الآية . ابن عقيل
وقال يستحب ذلك ولا يجب ; لأن حق بقية الأصناف يسقط بإعطاء الملاك لهم وأيضا فليس في الآية إيجاب الاستيعاب لصدقات كل عام فيجوز تعويضهم في كل عام آخر ، ومما يدخل فيه أيضا قوله تعالى { القاضي والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } الآية هل اقتضت مقابلة مجموع المظاهرين لمجموع [ نسائهم وتوزيعه مع كل مظاهر على زوجته أو مقابلة كل فرد من المظاهرين مجموع ] نسائه المظاهر منهن ؟ قرر وغيره من أصحابنا الثاني واستدل على أن أبو الخطاب لا يوجب سوى كفارة واحدة وكذلك قال في قوله تعالى { المظاهرة من جميع الزوجات بكلمة واحدة حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم } إلى آخر الآية ، أن المراد حرمت على كل واحد بناته وأخواته وعماته وخالاته .
فأما الأمهات فجعلها في مقابلة الأفراد بالأفراد قال ; لأنه لما لم يتصور أن يكون للواحد أمان علم أنه أراد الواحد في مقابلة الواحد وأما ما احتمل الجمع في مقابلة الواحد فإنه عمل حيلة ، والأظهر والله أعلم أن الكل مما قوبل فيه الواحد بالواحد والجملة بالجملة وأن المعنى حرمت على كل واحد أمه وبنته وأخته إذ لو أريد مقابلة الواحد بالجمع لحرم على كل واحد أمهات الجميع وبناتهم وهو باطل قطعا .