وقوله: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا   : قيل: (الآيات) : العبر، وقيل: يعني: القرآن، وقال  الحسن:  الموت الذريع. 
وقوله: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس   أي: عصمك منهم، عن  الحسن.  
وقوله: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس  يعني: ما أراه ليلة الإسراء،  قال  ابن عباس،   وابن جبير،   والحسن،   وقتادة،  وغيرهم: كانت رؤيا يقظة، يدل على ذلك: أن الناس فتنوا بها، ولو كانت رؤيا نوم; لم يفتنوا بها; إذ يمكن أن يرى في النوم ما لا يمكن أن يرى في اليقظة; فلا يستبشع، وما  [ ص: 115 ] كانت تكون فيها آية; إذ قد يرى غير الأنبياء في النوم مثلها. 
وذهب كثير من العلماء إلى أنها رؤيا نوم، ورؤيا الأنبياء مخالفة لرؤيا غيرهم;  لأن الأنبياء عليهم السلام تنام عيونهم، ولا تنام قلوبهم. 
وروي عن  ابن عباس  أيضا: أن معنى {الرؤيا} ههنا ليس في ليلة الإسراء; وإنما هي رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم، رأى بالمدينة  أنه دخل مكة  هو وأصحابه; فعجل إليها قبل الأجل; فرده المشركون; فافتتن به المرتابون. 
وقوله: والشجرة الملعونة في القرآن   : قال  ابن عباس،   ومجاهد،  وغيرهما: هي شجرة الزقوم; والمعنى: الملعون آكلها، وكانت فتنتهم بها قول أبي جهل:  إن محمدا  يقول: إن جهنم تأكل الحجارة، ويزعم أنها تنبت الشجر! 
والعرب تقول لكل طعام مكروه: (ملعون) . 
وقوله: {ونخوفهم} أي: بشجرة الزقوم، وشبهها من العذاب، فما يزيدهم  التخويف إلا طغيانا كبيرا   . 
وقوله تعالى: قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا  أي: أخبرني عن هذا الذي فضلته علي: لم فضلته  [ ص: 116 ] وقد خلقتني من نار وخلقته من طين؟ فحذف لعلم السامع. 
ومعنى {لأحتنكن} في قول  ابن عباس:  لأستولين عليهم،  مجاهد:  لأحتوينهم،  ابن زيد:  لأضلنهم، وروي عن العرب: (احتنك الجراد الزرع) ; إذا ذهب به كله. 
وقيل: معناه: لأسوقنهم كيف شئت، من قولهم: (حنك الدابة يحنكها) ; إذا ربط حبلا في حنكها الأسفل وساقها، وحكي: (أحنكتها) بمعنى: (حنكتها) . 
وقوله: جزاء موفورا  أي: وافرا، عن  مجاهد  وغيره. 
وإنما ظن إبليس هذا الظن; لما تقدم من إخبار الله تعالى الملائكة من خبر الخليفة الذي يجعل في الأرض وذريته، قال  الحسن:  ظن ذلك، لأنه وسوس إلى آدم;  فلم يجد له عزما. 
وقوله تعالى: واستفزز من استطعت منهم بصوتك  أي: استزل واستخف، وأصله: القطع، ومنه: (تفزز الثوب) ; إذا انقطع; والمعنى: استزله بقطعك إياه عن الحق. 
 [ ص: 117 ] و (صوته) : كل داع دعا إلى معصية الله تعالى، عن  ابن عباس.  
 مجاهد:  الغناء، والمزامير، واللهو. 
وأجلب عليهم بخيلك ورجلك  أي: اجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك، وأصل (الإجلاب) : السوق بجلبة من السائق، و (الرجل) : جمع (راجل) . 
وقوله تعالى: وشاركهم في الأموال والأولاد  أي: [بالسائبة وما ذكر معها، ومشاركته في الأولاد]: تسميتهم عبد الحارث، وعبد العزى، وما أشبه ذلك، قاله  ابن عباس،  وعنه أيضا: أن مشاركته في الأولاد: الموءودة. 
الحسن: (مشاركته في الأموال) : ما أنفقوه في غير طاعة الله تعالى، و (في الأولاد) : من هودوه، ومن نصروه. 
وقيل: (المشاركة في الأموال) : ما اكتسبوه من غير حله، وقيل: ما ذبحوه لآلهتهم. 
 [ ص: 118 ] وقيل: (مشاركته في الأولاد) : أولاد الزنا. 
{وعدهم} ; أي: وعدهم النصرة على من أرادهم بسوء. 
وهذا الأمر للشيطان تهدد ووعيد له، وقيل: استخفاف به وبمن اتبعه. 
وقوله تعالى: ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر  أي: يجريها، عن  ابن عباس،   وقتادة،  وغيرهما، وأصله: السوق حالا بعد حال، وجاء هذا كله بإثر قوله: قل كونوا حجارة أو حديدا   ; فالمعنى: أن الذي ابتدأ خلقكم يبعثكم، كما قدر على هذه الأشياء كلها. 
وقوله: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه   : هذا خطاب للمشركين; فمعنى {أعرضتم} أي: أعرضتم عن الذي نجاكم، ورجعتم إلى شرككم. 
وقوله: إنه كان بكم رحيما  يعني: رحمة الدنيا. 
وقوله: أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر  أي: كما خسف بقوم لوط، وقارون. 
أو يرسل عليكم حاصبا  يعني: ريحا شديدة، وهي التي ترمي بالحصباء;  [ ص: 119 ] وهي الحصى الصغار، وقال  قتادة:  يعني: حجارة من السماء تحصبهم; كما فعل بقوم لوط. 
أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى  يعني: في البحر. 
فيرسل عليكم قاصفا من الريح   : (القاصف) : الريح الشديدة التي تكسر بشدة. 
ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا  أي: لا يتبعنا بذلك أحد ينتصر لكم. 
وقوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم  أي: فضلناهم، عن  ابن عباس،  وقال: فضلوا بأنهم يأكلون بأيديهم، بخلاف البهائم، وقال غيره: فضلوا بالفهم والتمييز، وقيل: فضل ابن آدم بمشيه قائما. 
ورزقناهم من الطيبات  أي: طيبات الطعام والشراب. 
وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا   : احتج بهذا من يرى أن الملائكة أفضل من الآدميين،  وقال: لو كان النبي أفضل من الملك، لقال: 
 [ ص: 120 ] وفضلناهم على كل من خلقنا. 
				
						
						
