1535 (باب في الصبر على المصيبة عند أول الصدمة)

وهو في النووي في: (كتاب الجنائز) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 227 - 228 جو المطبعة المصرية

[عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى على امرأة تبكي على صبي لها فقال لها: "اتقي الله واصبري" فقالت: وما تبالي [ ص: 299 ] بمصيبتي، فلما ذهب قيل لها إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذها مثل الموت. فأتت بابه. فلم تجد على بابه بوابين. فقالت: يا رسول الله لم أعرفك. فقال: "إنما الصبر عند أول صدمة" أو قال: "عند أول الصدمة" .]

التالي السابق

الشرح

(الشَّرْحُ)

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَى عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا، فَقَالَ لَهَا: "اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي ") .

فِيهِ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، مَعَ كُلِّ أَحَدٍ.

(فَقَالَتْ: وَمَا تُبَالِي مُصِيبَتِي؟ فَلَمَّا ذَهَبَ قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَخَذَهَا مِثْلُ الْمَوْتِ، فَأَتَتْ بَابَهُ. فَلَمْ تَجِدْ عَلَى بَابِهِ بَوَّابِينَ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ أَعْرِفْكَ) .

فِيهِ: الِاعْتِذَارُ إِلَى أَهْلِ الْفَضْلِ، إِذَا أَسَاءَ الْإِنْسَانُ أَدَبَهُ مَعَهُمْ.

وَفِيهِ: صِحَّةُ قَوْلِ الْإِنْسَانِ: مَا أُبَالِي بِكَذَا. وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ:

لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ الْبَاءِ، إِنَّمَا يُقَالُ: مَا بَالَيْتُ كَذَا.

قَالَ النَّوَوِيُّ : وَهَذَا غَلَطٌ. بَلِ الصَّوَابُ: جَوَازُ إِثْبَاتِ الْبَاءِ، وَحَذْفِهَا.

وَقَدْ كَثُرَ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ.

وَفِيهِ: مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ.

[ ص: 300 ] وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي، إِذَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى بَوَّابٍ: أَنْ لَا يَتَّخِذَهُ. وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ.

(فَقَالَ: " إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ ". أَوْ قَالَ: " عِنْدَ أَوَّلِ الصَّدْمَةِ ") .

أَيِ: الصَّبْرُ الْكَامِلُ، الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ الْجَزِيلُ، لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ.

وَأَصْلُ "الصَّدْمِ": الضَّرْبُ فِي شَيْءٍ صُلْبٍ. ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا، فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ حَصَلَ بَغْتَةً.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى".

وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.

(الشرح)

(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه، (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتى على امرأة تبكي على صبي لها، فقال لها: "اتقي الله واصبري ") .

فيه: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مع كل أحد.

(فقالت: وما تبالي مصيبتي؟ فلما ذهب قيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذها مثل الموت، فأتت بابه. فلم تجد على بابه بوابين. فقالت: يا رسول الله! لم أعرفك) .

فيه: الاعتذار إلى أهل الفضل، إذا أساء الإنسان أدبه معهم.

وفيه: صحة قول الإنسان: ما أبالي بكذا. والرد على من زعم أنه:

لا يجوز إثبات الباء، إنما يقال: ما باليت كذا.

قال النووي : وهذا غلط. بل الصواب: جواز إثبات الباء، وحذفها.

وقد كثر ذلك في الأحاديث.

وفيه: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع.

[ ص: 300 ] وأنه ينبغي للإمام والقاضي، إذا لم يحتج إلى بواب: أن لا يتخذه. وهكذا قال الشافعية.

(فقال: " إنما الصبر عند أول صدمة ". أو قال: " عند أول الصدمة ") .

أي: الصبر الكامل، الذي يترتب عليه الأجر الجزيل، لكثرة المشقة فيه.

وأصل "الصدم": الضرب في شيء صلب. ثم استعمل مجازا، في كل مكروه حصل بغتة.

وفي رواية أخرى، عنه رضي الله عنه: "الصبر عند الصدمة الأولى".

والمعنى واحد.