الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1438 [ ص: 154 ] (باب ما لا يجوز حذفه من الخطبة)

                                                                                                                              وذكره النووي في الكتاب المتقدم.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 159 ج6 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عدي بن حاتم; أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد. ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله" قال ابن نمير فقد غوي] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عدي بن حاتم) رضي الله عنه; (أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد) بكسر الشين وفتحها.

                                                                                                                              (ومن يعصهما فقد غوى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله") .

                                                                                                                              قال عياض وجماعة من أهل العلم: إنما أنكر عليه، لتشريكه في الضمير المقتضي للتسوية.

                                                                                                                              وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى، بتقديم اسمه. كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: [ ص: 155 ]

                                                                                                                              "لا يقل أحدكم: ما شاء الله، وشاء فلان; ولكن ليقل: ما شاء الله، ثم شاء فلان" .

                                                                                                                              والصواب أن سبب النهي: أن الخطبة شأنها البسط، والإيضاح، واجتناب الإشارات والرموز.

                                                                                                                              ولهذا ثبت في الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم، كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، ليفهم.

                                                                                                                              وأما قول الأولين، فيضعف بأشياء:

                                                                                                                              منها: أن مثل هذا الضمير، قد تكرر في الأحاديث الصحيحة، من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              كقوله صلى الله عليه وسلم: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" ، وغيره من الأحاديث.

                                                                                                                              وإنما ثنى الضمير هاهنا، لأنه ليس خطبة وعظ.

                                                                                                                              وإنما هو تعليم حكم; فكلما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه.

                                                                                                                              بخلاف خطبة الوعظ، فإنه ليس المراد حفظه، وإنما يراد الاتعاظ بها.

                                                                                                                              ومما يؤيد هذا، ما ثبت في (سنن أبي داود) بإسناد صحيح، عن ابن مسعود:

                                                                                                                              (قال: علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة) وفيها: "ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه" . [ ص: 156 ] والحاصل: أن تثنية الضمير في الخطبة مكروه، وفي غيرها جائز. والله أعلم.

                                                                                                                              (وقال ابن عمير: فقد غوى) بكسر الواو. وهكذا وقع في النسخ.

                                                                                                                              وقال عياض : وقع في روايتي مسلم بفتح الواو; وكسرها، والصواب: الفتح.

                                                                                                                              وهو من الغي. وهو الانهماك في الشر.




                                                                                                                              الخدمات العلمية