الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرجوع عن الشهادة في أمة أنها أم ولد ، أو في أم ولد أن سيدها أعتقها]

                                                                                                                                                                                        وإن شهدا أنه أولد أمته ثم رجعا بعد الحكم غرما قيمتها . قال محمد : ولا شيء لهما عليها وتبقى أم ولد للسيد يطأها; لأنهما أدخلا ذلك على أنفسهما وهي لا خدمة فيها غير أنها إن جرحت أو قتلت وأخذ لها أرشا كان للشاهدين من ذلك قدر ما غرماه ، والفضل للسيد ، ولا شيء لهما في مال تكتسبه بعمل أو هبة أو غير ذلك . [ ص: 3893 ]

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون يرجعان فيما أفادت من مال بقدر ما أديا فقط . وقال محمد بن عبد الحكم : إذا رجعا عن الشهادة أنها أم ولد فإن عليهما القيمة ويخفف عنهما من القيمة لما بقي له فيها من الاستمتاع ، قال : وكذلك إذا كانت حاملا غرما قيمتها على التخفيف .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ أبو محمد - رضي الله عنه - في النوادر : وقد رووا عن بعض مشايخنا أنه قال لا شيء عليهما إذا شهدا أنه اتخذها أم ولد .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ رحمه الله تعالى : أما القول إن للسيد أن يأخذ القيمة وتبقى له متعة فليس ببين; لأن البينة لم ترد أن تكون له متعة ويغرمان القيمة ، وأرى أن يكون السيد بالخيار بين أن يأخذ قيمتها ويمنع من إصابتها; لأنه قد أخذ ثمنها وذلك كالبيع لها ، أو لا يأخذ القيمة ويستمتع بها ، وإذا أخذ القيمة وأراد الشاهدان الرجوع عليها سئلت : هل تقول إنها أم ولد -كما شهدت البينة- أم لا؟ وإن قالت : لم ألد منه قط . كان لهما أن يؤاجراها في القيمة وينزعا مالها ، وإن قالت : إنها ولدت منه ، لم يكن لهما على خدمتها سبيل ولا على مالها; لأنه تقول : إنما انتزاع المال إلى سيدي ، فإذا لم ينتزعه مني لم يكن ذلك للبينة هذا [ ص: 3894 ] بمنزلة ما لو شهدت البينة لرجل بالحرية ثم رجعت عن الشهادة والمشهود له يقر بالعبدية فإن للمشهود عليه أن يستخدمه ولا يبيعه; لأن الخدمة حق له والعتق فيه حق لله عز وجل .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية