الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الرمل في الحج]

                                                                                                                                                                                        الرمل في الحج في الطواف الأول ، وهو طواف القدوم .

                                                                                                                                                                                        ولا يرمل في طواف الإفاضة ، ولا في طواف الوداع ، ولا في طواف التطوع .

                                                                                                                                                                                        واختلف هل يرمل في طواف الإفاضة إذا قدم مراهقا ولم يطف للقدوم ، وهل يرمل في طواف القدوم إذا أحرم بالحج من التنعيم ؟ فقال محمد : كان ابن عمر - رضي الله عنه - إذا أهل من مكة يرمل في الطواف يريد : إذا رجع من [ ص: 1183 ] عرفة ؛ لأن من أحرم من مكة لا يطوف حتى يرجع . وقال مالك : أحب إلي أن يرمل . وقال فيمن أحرم من التنعيم : أحب إلي أن يرمل ، وليس ذلك في الواجب كالذي يحرم من الميقات . وقال أيضا : ذلك سواء ، أحرم من الميقات أو بغيره . وأما العمرة ؛ فيرمل في الطواف لها إذا أحرم من الميقات . ويختلف إذا أحرم من التنعيم أو غيره من المواضع القريبة .

                                                                                                                                                                                        والأصل في الرمل حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : "لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة يريد عمرة القضاء ، قال المشركون : إن محمدا وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال ، وقد أوهنتهم حمى يثرب ، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثة أشواط ليرى المشركون جلدهم ، قال : ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم" . أخرجه البخاري ومسلم .

                                                                                                                                                                                        ثم أثبته - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع في طواف القدوم دون طواف الإفاضة ، وإذا كان ذلك سببه ، وأثبت فيمن قدم من غير مكة ، وأسقط من طواف الإفاضة ومن طواف التطوع- سقط عمن دخل من التنعيم لحج أو لعمرة ؛ لأنه في معنى المقيم . والرمل على الرجال ، ولا رمل على النساء .

                                                                                                                                                                                        واختلف في المريض يطاف به محمولا ، فقال محمد : يرمل به . وقال ابن القاسم : لا يرمل بالصبي إذا طيف به محمولا . وقال أصبغ : يرمل به . وعلى قول ابن القاسم [ ص: 1184 ] هذا لا يرمل بالمريض ، وهو أحسن فيه وفي الصبي ؛ لأن السنة وردت في ذلك فيمن كان صحيحا ؛ ليرى قوته . والمريض وإن طيف به محمولا خارج عن ذلك ومن تركه فقيل : يعيد الطواف إن كان قريبا . وقيل : لا إعادة عليه . واختلف بعد القول ألا إعادة عليه : هل عليه الدم ، أم لا ؟ ولا أرى في مثل ذلك إعادة ولا دما ؛ لأنه ليس بمؤكد ، وقد كان فيه السبب ما تقدم ذكره .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية