الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الحلق والتقصير في الحج]

                                                                                                                                                                                        الناس في الحلاق والتقصير على ثلاثة أوجه : حلاق ، وتقصير ، ومخير بين الحلاق والتقصير .

                                                                                                                                                                                        فالحلاق لمن لا وفرة له وللأقرع ولمن لبد أو عقص أو ضفر من الرجال .

                                                                                                                                                                                        والتقصير للنساء ، ولا يجوز أن يحلقن ؛ لأنه لهن مثلة ، إلا لمن كان برأسها أذى وفي الحلاق صلاح لها . وكذلك بنت تسع أو عشر تقصر ولا تحلق إلا لعذر ، وإن كانت صغيرة جدا جاز أن تحلق أو تقصر .

                                                                                                                                                                                        والخيار لمن له وفرة من الرجال ولم يلبد ، ولا ضفر ولا عقص ؛ لقول الله تعالى : لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين [الفتح : 27] .

                                                                                                                                                                                        والحلاق أفضل ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "اللهم ارحم المحلقين" . قالوا : والمقصرين يا رسول الله ؟ قال : "اللهم ارحم المحلقين . . ." الحديث . وفيه : بيان أن الحلاق والتقصير سنة ، ليس إباحة بعد حظر ؛ لأن حلاق من له وفرة مثلة . [ ص: 1224 ]

                                                                                                                                                                                        وقال روح بن يزيد : قال لي عمر بن عبد العزيز : إياك والمثلة ؛ حلاق الرأس واللحية . فجعله مثلة وقرنه بحلاق اللحية ، وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وفرات فحلقوا . ويؤيد ذلك تقصير النساء ، فلو كان مباحا لم يقصرن ؛ لأن ذلك لا يقصد به إماطة الأذى .

                                                                                                                                                                                        قال مالك في تقصير الرجال : يجزئ ذلك يجز ، وإن أخذ من أطرافه أخطأ ويجزئه .

                                                                                                                                                                                        وليس كذلك المرأة ، وقالت عائشة - رضي الله عنها - : يجزئهن قدر التطريف . قال مالك : وحلاق المعتمر أحب إلي إلا أن تتقارب أيام الحج ، فيقصر أحب إلي . [ ص: 1225 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن حلق بالنورة ، وأرى أن يجزئه ، واستحب مالك إذا حلق أن يأخذ من لحيته وشاربه وأظفاره ، وذكر أن ابن عمر - رضي الله عنها - كان يفعله .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية