الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن استؤجر على حج فصد عن البيت]

                                                                                                                                                                                        ومن استؤجر على حج عام بعينه فصده عدو أو مرض أو أخطأ العدد حتى فاته الحج كان له من الأجر بقدر ما بلغ ، وانفسخ الباقي عن الذي استأجره ، ثم يرجع الأمر إلى حكمه في نفسه ؛ فإن صده عدو حل مكانه ، وإن مرض قبل أن يحرم رجع ، وإن كان قد أحرم أقام حتى يأتي مكة ويحل بعمرة ولا شيء له في تماديه ، وكذلك إن فاته الحج لخطأ العدد فلا شيء له في تماديه ؛ لأن العام الذي استؤجر عليه ذهب أو في معنى الذاهب ، وإنما تماديه لحق الله تعالى فيما يحل به من الإحرام ، ولو أقام على إحرامه لقابل لم يكن له شيء ، وإن حل من إحرامه قضى قابلا ولا شيء له ، وإن كانت الإجارة على حجة مضمونة فصده عدو حل من إحرامه ، ثم ينظر فإن كان لا يشق الصبر لقابل لم تفسخ إجارته ، وإن كان يشق عليه كان الموصى لقابل بالخيار بين أن يصبر أو يفسخ .

                                                                                                                                                                                        وكذلك إن مرض وفاته الحج قبل أن يحرم ؛ هو بالخيار إذا كان على بعد ، ولا خيار له إذا لم تدركه مشقة في الصبر . وإن كان أحرم وأقام على إحرامه لقابل وحج أجزأه واستحق جميع الأجر وكذلك إن حل بمكة وأقام لقابل ووفى بالحج ، وإن لم يقم حط من الأجر بقدر الباقي من مكة إلى عرفة ، وما [ ص: 1266 ] بقي من أعماله حتى ينقضي الحج . وقال ابن حبيب : يأخذ الأجرة كلها لأنه بلغ مكة وزاد على ما استؤجر عليه مقامه محرما . وهذا ضعيف ؛ لأن مدة ما استؤجر له قد بقي ، وهي أعمال يخرج لها ويتكلفها ويقيم الأيام لأجلها .

                                                                                                                                                                                        وإن استؤجر بنفقته على عام بعينه فصده عدو حل ورجع فله نفقة رجوعه ، وإن تمادى وأقام بمكة حتى حج لم تكن له نفقة من الموضع الذي صد فيه حتى رجع إليه ، وله النفقة من الموضع الذي صد فيه حتى رجع ، وكذلك إن مرض قبل أن يحرم له النفقة ما أقام مريضا ، وفي رجعته ولا شيء له في تماديه إلى مكة ، قال ابن القاسم : وإن كان قد أحرم تمادى وله نفقته في تماديه وفي رجعته على الذي دفع إليه المال ليحج به ؛ لأنه لما أحرم لم يستطع الرجوع .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية