الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في مخالفة الأجير على الحج ما استؤجر عليه]

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن استؤجر على الحج فتمتع ، فقال ابن القاسم : لا يجزئه ويحج من قابل . وقال في كتاب محمد فيمن أخذ مالا ليحج عن ميت في بعض الآفاق ، فاعتمر عن نفسه وحج عن الميت من مكة ، قال : أراه مجزئا عنه إلا أن يشترطوا أن يحج من أفق الميت أو من المواقيت ، فلا يجزئه ويرجع ثانية . وقال محمد : إذا اعتمر عن نفسه ثم حج ، فإن كان خروجه عن الميت [ ص: 1268 ] جاز ، وأما إن حج عن الميت من مكة فعليه البدل .

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا اشترطوا عليه ألا يتمتع فتمتع ، فقال مالك : يجزئ عن الميت . وقال ابن القاسم : لا يجزئه . ثم رجع إلى قول مالك أنه يجزئه . واختلف إذا قرن ؛ فقال ابن القاسم : لا يجزئه ويرد المال ، وقال في كتاب محمد : يرجع ثانية ويجزئه ، ولا تفسخ الإجارة . وقال ابن الجلاب عن ابن القاسم : إن استؤجر على أن يحج مفردا لم يجزئه وعليه الإعادة .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون : يجزئه وعليه الدم . وقال ابن عبد الحكم عن مالك مثله . وقال ابن حبيب : إن تمتع أو قرن أو جعل ذلك كله عن الميت أجزأه ، وإن جعل العمرة عن نفسه والحج عن الميت لم يجزئه ، وغرم المال .

                                                                                                                                                                                        وأرى إن تمتع أن يجزئ ؛ لأن الهدي ليس بوصم في الحج ، وإنما هو لإتيانه بعمرة حينئذ . وقال أشهب في مدونته في رجل حج عن رجل واعتمر عن آخر وقد أمراه بذلك : إن دم القران على المعتمر ، وقد أوجب الله سبحانه حجه .

                                                                                                                                                                                        ولا خلاف فيمن قدم قبلها عمرة أنها تجزئه ، وأما إن قرن فلا أرى أن يجزئ ؛ لأنه أشرك في الطواف والسعي ، وإنما أتى ببعض ما استؤجر عليه ، ثم ينظر فإن كانت الإجارة على ذلك العام رد المال ، وإن كانت مضمونة وأتى مستفتيا أو كان أظهر ذلك لأنه ظن أن ذلك جائز ، لم تفسخ الإجارة وحج من قابل ، فإن كتم ذلك ثم ظهر عليه فسخت الإجارة ؛ لأنه لا يؤمن أن ينوي في [ ص: 1269 ] مثل ذلك في العام الآخر .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية