الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في دعاء السلابة قبل القتال

                                                                                                                                                                                        واختلف في دعاء السلابة قبل القتال ، فقال مالك : يدعوهم إلى أن يتقوا الله ، ويدعوا ذلك ، فإن أبى فقاتله ، وإن عاجلك عن أن تدعوه ؛ فقاتله ، وإن طلبوا الطعام أو الثوب أو الأمر الخفيف ؛ أعطوه ، ولم يقاتلوا .

                                                                                                                                                                                        وقال عبد الملك في كتاب محمد : لا يدعى ؛ لأنه عارف بما يدعى إليه ، فاقتله ولا تدعه ، وخذه من أقرب الحالات ، واستأصله عن المسلمين ، ولا تدفع إليه شيئا إذا كنت ترجو الظفر به ودفعك ظلم وإثم .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك أيضا : يجب على من لقي لصا قتاله ، والحرص على سفك دمه ، وإن قطع على غيرك ، وسلمت أنت منه ، فحق عليك الرجوع والمعاونة . [ ص: 1347 ]

                                                                                                                                                                                        فلم ير في القول الأول أن جهادهم يتعين على من لقيهم وإن كان غالبا ؛ لأن قوله : إن طلبوا الشيء الخفيف أعطوه ، دليل على أن المطلوب قادر على الامتناع ، ولو كان مغلوبا لجاز أن يعطي الجميع .

                                                                                                                                                                                        ورأى في القول الآخر : أن جهادهم يتعين على من لقيهم ، وهو قول عبد الملك .

                                                                                                                                                                                        والمسألة على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                        فإن كان المحاربون غير معروفين ولا مشهورين بذلك ؛ لم أر أن يباح قتالهم مع وجود السلامة منهم ؛ لأنه متى ثبت قتلهم لهم ، ولم تعلم الحرابة من المقتولين ؛ طلبوا بدمهم ، إلا أن تكون ضرورة في الدفع عن أنفسهم .

                                                                                                                                                                                        وإن كانوا معروفين بالحرابة وممتنعين بموضع إن تركوا ؛ ألجأوا إليه وتحصنوا به ، ثم يعودون إلى أذى الناس ؛ تعين قتالهم .

                                                                                                                                                                                        وإن كانوا غير ممتنعين ممن يريد قتالهم ، ولا يخشى على الناس منهم ، إلا أن يأذن الإمام لهم ؛ ندبوا إلى قتالهم ، ولم يجب ، وذلك إلى الإمام . [ ص: 1348 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية