الباب الثالث في عرضه- صلى الله عليه وسلم- القرآن على جبريل- عليه الصلاة والسلام- في العام الذي مات فيه مرتين  ونعيه- صلى الله عليه وسلم- نفسه لأصحابه  
روى  الإمام أحمد  وابن سعد  عن  ابن عباس   - رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعرض القرآن على جبريل  في كل رمضان فلما كان في العام الذي مات فيه عرضه عليه مرتين» . 
وروى  البخاري  عن  أبي هريرة   - رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل شهر رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي توفي فيه عكف عشرين يوما وكان جبريل  يقرأ عليه القرآن مرة كل رمضان فلما كان العام الذي توفي فيه عرضه عليه مرتين . 
وروى الشيخان عن فاطمة الزهراء-  رضي الله تعالى عنها- أنها أسر إليها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «إن جبريل  كان يعارضني القرآن كل عام مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أرى أجلي إلا قد قرب فاتقي الله واصبري فإني نعم السلف أنا لك» . 
وروى  مسلم  عن  جابر   - رضي الله تعالى عنه- قال رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرمي الجمار فوقف وقال : «لتأخذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا» . 
وروى  ابن مردويه  عن  معاوية بن أبي سفيان   والإمام أحمد  وابن سعد   وأبو يعلى   والطبراني  بسند صحيح عن  واثلة بن الأسقع-  رضي الله تعالى عنهما- قالا : خرج علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «أتزعمون أني من آخركم وفاة قلنا : أجل ، قال : فإني من أولكم وفاة وتتبعوني أفنادا يهلك بعضكم بعضا» . 
وروى ابن سعد  عن  أبي سعيد الخدري-  رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» . 
وروى ابن سعد  عن عكرمة  مرسلا قال : قال  العباس :  لأعلمن ما بقاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فينا فقال له : يا رسول الله لو اتخذت عرشا فإن الناس قد آخوك ، فقال : «والله لا أزال بين ظهرانيهم ينازعوني ردائي ويصيبني غبارهم حتى يكون الله يريحني منهم» ! 
قال العباس : فعرفنا أن بقاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فينا قليل .  [ ص: 233 ] 
وروى  البزار  عن  العباس-  رضي الله تعالى عنه- قال رأيت في المنام كأن الأرض تنزع إلى السماء بأشطان شداد ، فقصصت ذلك على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «ذاك وفاة ابن أخيك» . 
أفناد قال في القاموس أي : تتبعوني ذوي فند : أي ذوي عجز وكفر للنعمة . 
والأشطان : بشين جمع شطن بشين معجمة فطاء مهملة فنون : الحبل . 
				
						
						
