الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع والخمسون في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في لدغ الهوام

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني وأبو نعيم بسند حسن عن علي- رضي الله تعالى عنه- قال : لدغت النبي- صلى الله عليه وسلم- عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال : «لعنك الله لا تدعين نبيا ولا غيره» ثم دعا بماء وملح فجعل يمر بها عليها ويقرأ المعوذتين ، وقل يا أيها الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : ذكر عند النبي- صلى الله عليه وسلم- رقية من الحمة فقال : اعرضوها علي ، فعرضوها عليه ، بسم الله قرنية شجنة ملحة بحر قفطا فقال : «هذه مواثيق أخذها سليمان بن داود على الهوام ، لا أرى بها بأسا» قال : فلدغ رجل وهو مع علقمة ، فرقاه بها ، فكأنما نشط من عقال .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير بسند حسن عن عبد الله بن زيد- رضي الله تعالى عنه- قال : عرضنا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رقية من الحمة فأذن لنا فيها وقال : «إنما هي مواثيق ، والرقية بسم الله شجنة قرنية ملحة قفطا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير بسند لين فيه من تكلم فيه عن سهل بن أبي حثمة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج وخرج معه عبد الرحمن بن سهل فلما كانا بالحرة نهشت عبد الرحمن بن سهل حية ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «ادعوا عمرو بن حثمة» ، فدعي فعرض رقيته على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «لا بأس بها ارقه» فوضع ابن حثمة يده عليه فقال : يا رسول الله قد يموت ، أو قد مات فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «ارقه» وإن كان قد مات فرقاه ، فصح عبد الرحمن وانطلق . [ ص: 206 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني في الكبير برجال الصحيح خلا قيس بن الربيع بن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : جاء رجل من الأنصار فقال له عمرو بن حثمة وكان يرقي من الحية فقال : يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى ، وأنا أرقي من الحية ، فقال : «قصها علي» فقصصتها عليه فقال : «لا بأس بهذه هذه المواثيق» ، قال : وجاءه رجل من الأنصار ، وكان يرقي من العقرب فقال : «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة في مسنده ، عن عبد الله بن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : بينما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي إذ سجد فلدغته عقرب في أصبعه فانصرف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العقرب ، ما تدع نبيا ولا غيره» ثم دعا بإناء فيه ماء وملح فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح ويقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حتى سكنت ، وهذا طب مركب من الطبيعي والإلهي ، فإن سورة الإخلاص قد جمعت الأقوال الثلاثة التي هي جامع التوحيد ، وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا ، وأما الماء والملح فهو الطب الطبيعي ، فإن في الملح نفعا لكثير من السموم ، ولا سيما لدغة العقرب ، وفيه من القوة الجاذبة المحللة ما يجذب السموم ويحللها ، ولما كان في لسعتها قوة نارية تحتاج إلى تبريد وجذب وإخراج استعمل- صلى الله عليه وسلم- الماء والملح .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية