تنبيهات 
الأول : قال  البيهقي  والذهبي :  وإنما أراد  عمر  التخفيف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين رآه شديد الوجع لعلمه أن الله تبارك وتعالى قد أكمل ديننا ، ولو كان ذلك الكتاب وحيا لكتبه النبي- صلى الله عليه وسلم- ولما أخل به لاختلافهم ولغطهم لقول الله تعالى : بلغ ما أنزل إليك من ربك   [المائدة : 67] كما لم يترك تبليغ غيره لمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه ، وإنما أراد ما حكى  سفيان بن عيينة  عن أهل العلم قبله ، أن يكتب استخلاف  أبي بكر ،   ثم ترك كتابته اعتمادا على ما علم من تقدير الله تعالى ، كما هم به في ابتداء مرضه حين قال : «وارأساه» . ثم بدا له أن لا يكتب ثم قال : «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر»  
ثم نبه أمته على خلافته باستخلافه إياه في الصلاة حين عجز عن حضورها ، وبسط  البيهقي  الكلام في ذلك .  [ ص: 249 ] 
وقال  المازري :  إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره بذلك ، لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب ، فكأنه ظهرت منه قرينة دلت على أن الأمر ليس على التحتم بل على الاختيار ، فاختلف اجتهادهم وصمم  عمر  على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه- صلى الله عليه وسلم- قال ذلك عن غير قصد جازم [وعزمه- صلى الله عليه وسلم- كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد ، وكذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا فبالاجتهاد أيضا] . 
وقال النووي :  اتفق العلماء على أن قول  عمر  «حسبنا كتاب الله» من قوة فقهه ودقيق نظره ، لأنه خشي أن يكتب أمورا ربما عجزوا عنها فيستحقوا العقوبة لكونها منصوصة وأراد أن لا يسد باب الاجتهاد من العلماء ، وفي تركه- صلى الله عليه وسلم- الإنكار على  عمر  الإشارة إلى تصويبه وأشار بقوله : «حسبنا كتاب الله» إلى قوله تعالى : ما فرطنا في الكتاب من شيء   [الأنعام : 38] ولا يعارض ذلك قول  ابن عباس   : أن الرزية . . . . . . إلخ ، لأن  عمر  كان أفقه منه قطعا ، ولا يقال : أن  ابن عباس  لم يكتف بالقرآن مع أنه حبر القرآن وأعلم الناس بتفسيره ولكنه أسف على ما فاته من البيان وبالتنصيص عليه لكونه أولى من الاستنباط والله تعالى أعلم . . . . . . . 
الثاني : في بيان غريب ما سبق   : 
قولهم : «أهجر» بإثبات همز الاستفهام وفتح الهاء والجيم ، قالوا : ولبعضهم هجرا بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين أي قال هجرا والهجر بضم الهاء وسكون الجيم ، وهو الهذيان الذي يقع من كلام المريض ، الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي- صلى الله عليه وسلم- في حقه مستحيل . 
وإنما هذا على طريق الاستفهام الذي معناه الإنكار والإبطال- أي أنه- صلى الله عليه وسلم- لا يهجر أي : لم يختلفوا في الأخذ عنه ولم ينكروا عليه الكتاب ، وهو لا يهجر أصلا . 
الرزيئة براء مفتوحة فزاي مكسورة فياء فهمز المصيبة . 
اللغط : بغين معجمة فطاء مهملة محركا الصوت أو الجلبة ، أو أصوات مبهمة لا تفهم .  [ ص: 250 ] 
				
						
						
